من نظريّةِ التحريرِ.. إلى نظريّةِ الانهيار!.. "حزبُ اللّه" وتكتيكُ الاستنزافِ المباشر!..

 -لقد أضحى واضحاً جدّاً، بالنسبةِ لنا، أنَّ تفاصيلَ الميدانِ في مواجهاتِ الجنوبِ اللبنانيِّ، بينَ جيشِ الاحتلالِ، وبينَ طلائعِ "حزبُ اللّه"، وأذرعةَ النّار الصاروخيّةِ الّتي يستعملُها بإتقانٍ شديد، يحكمُها تكتيكٌ مدروسٌ، يدُ "الحزبِ" بهِ هي العليا!!..
 
-نعتقدُ أنَّ نظريةَ الانهيارِ - وليستْ نظريةَ التحريرِ، التي أخذَ بها حلفُ المقاومةِ، سبيلاً لنهايةِ هذا الكيانِ، خلالَ مرحلةٍ ماضيةٍ، من عمرٍ هذا الصّراع - كانتْ تستدعي استنزافاً داخلياً له، وهذا الاستنزافُ لا يكونُ بدونِ التحامٍ مباشرٍ مع جيشِهِ، وتحديداً على الجبهةِ الأكثر استنزافاً له، ونعني بها جبهتهُ مع "الحزبِ"!!..
-ونعتقدُ أنَّ سيناريو تحريرِ الجليلِ - والّذي كان جزءاً من نظريّةِ التحريرٍ التقليديّةِ التي كنّا نصرُّ عليها، سبيلاً لهزيمةِ الكيانِ، واستعادةِ الحقوقِ المغتصبةِ - هو سيناريو لم يعد مفيداً في ظلّ ما حصلَ، ويحصلُ، من تبعاتِ وملحقاتِ السّابعِ من أكتوبر، ثمَّ من عدوانٍ على غزّة!!..
-أمّا لماذا هو غيرُ مفيدٍ الآن، هو غيرُ مفيدٍ الآن، لأنَّ هناك واقعاً ميدانيّاً جديداً، يحكمُ الصّراع في كليّتِهِ، وفي إحدى أهمّ رئيسيّاتِ هذا الواقع، أنَّ فكرةَ الاستنزافِ أضحت فكرةً موضوعيّةً، طالما أنَّ هناك إصراراً من قبلِ الاحتلالِ، على إنهاءِ المقاومةِ والقضاءِ عليها، وطالما أنَّ هناك قوى ودولاً، تنتظرُ دورَها للانخراطِ في هذهِ المنازلةِ، فيما لو انخرطتْ دولُ حلفِ المقاومةِ، إلى جانبِ "حماس" أو "حزب اللّهِ"!!..
-نعتقدُ أنَّ فكرةَ استدراجِ الاحتلالِ للالتحامِ بالمقاومةِ، في جنوبِ لبنان، كانت تحتاجُ منهُ لـ "جملة إنجازاتٍ" يبنى عليها العدوُّ خطوتَهُ، التي تمنحُهُ وتوفّرُ له فكرةَ خَيارِ "الاجتياحِ"، وبخاصّةٍ أنَّ هذهِ الفكرةَ، لم تكن مطروحةً بشكلٍ قويٍّ لديهِ، كونَ أنَّ تاريخهُ يختزنُ مجموعةً من التجاربِ السابقةِ، وهي تجاربُ لا تمنحهُ إمكانيّةَ المخاطرةِ من جديدٍ!!..
-إنَّ سيناريو دخولِ جيشِ الاحتلالِ إلى جنوبِ لبنان، يمنُحُ حلفَ المقاومةِ، وتحديداً طلائعُ "حزبُ اللّه"، وقواهُ الأخرى، هامشَ تكتيكٍ جديدٍ وواسعٍ جدّاً، لتشتيتِ هذا الجيشِ، والنيلِ من قدراتِهِ ومن إمكانيّاتِهِ، سعياً لاستنزافِهِ، وصولاً إلى استنزافِ الكيانِ ذاتِهِ، مادّياً ومعنويّاً!!..
-وفقَ هذا التكتيكِ المدروسِ جدّاً، سوفَ يعملُ "حزبُ اللّه" على مزيدٍ من استدراجِ قواتِ الاحتلالِ، نحو الدّاخلٍ اللبنانيِّ، كي تتّسعَ مساحاتُ استهدافاتِهِ له، وكي يُغرقَ هذا الجيشَ، أكثرَ فأكثرَ، في وحلِ النّارِ الّذي أعدّهُ لهُ بإحكامٍ شديدٍ جدّاً!!..
-ووفقَ هذا التكتيكِ المدروسِ جدَّاً أيضاً، سوفَ تحاولُ كلٌّ من سوريّة وإيران، تثبيتَ قواعد اشتباكِها الطارئةِ الآن، مع كيانِ الاحتلالِ، ولن تسعى أيٌّ منهما، للانخراطِ، بشكلٍ مباشرٍ، في هذا التكتيكِ، وسوفَ تحافظانِ عليهِ، منعاً لتوسيعِ رقعةِ المواجهةِ، ودخولِ أطرافٍ أخرى، إلى جانبِ الكيانِ، وإنقاذِهِ من محنةِ هذا الاستنزافِ!!..
-إنَّ تكتيكَ الاستنزافِ هذا، سوف يمرُّ بمراحل متعدّدةٍ، وبمستوياتٍ متنوعةٍ أيضاً، فهو سيتجلّى بالخسائرِ الكبيرةِ الّتي سوف يتلقّاها جيشُ الاحتلالِ، وتُلحقُ أيضاً بمؤسّساتِهِ الاقتصاديّةِ والخدميّةِ، ثمَّ سوفَ يبدو أكثرَ وضوحاً، وتأثيراً، في مجتمعِ الكيانِ ذاتِهِ، ماديّاً ومعنويّاً!!..
-إنَّ نجاحَ هذا التكتيك لاستنزافِ كيانِ الاحتلالِ، سوف يجرُّهُ ويضعُهُ على أوّلِ سكّةِ الضّعفِ والانهيارِ، وهو وضعٌ هامٌّ يمكنُ أنْ يساهمَ في إعادةِ إنتاجَ هذا الشّرق من جديدٍ، وفقَ خرائط سياسيّةٍ واقتصاديّةٍ واجتماعيّةٍ جديدةٍ!!..
-الخلاصةُ:
إنَّ خلاصةَ تكتيكِ الاستنزافِ المدروسِ هذا، والمشغولِ عليهِ من قبلِ حلفِ المقاومةِ، وتحديداً منذ بدايةِ الأحداثِ الأمنيّةِ التي أصابتْ "حزبُ اللّه"، ووفقَ اعتقادِنا هذا، فإنَّهُ:
-كان لا بدَّ من التِحَامِ "حزبُ الله" بجسم جيشِ الاحتلال..
-وحتّى يتمّ هذا الالتحامُ، كانَ لا بدَّ:
-من جرِّ هذا الجيشِ نحوَ الجنوبِ.
-حيثُ "الحزبُ" أكثر صلابةً ومتانةً.
-من خلالِ "جملةِ إنجازاتٍ"، بنى عليها العدوُّ خطوتَهُ، وصولاً إلى مرحلةِ استنزافٍ مدروسٍ له!!..
-ولاستمرارِ هذا الاستنزاف الّذي يمكنُ أنْ يضعَ كيانَ العدوِّ، على بدايةِ سكّةِ ضعفِهِ وانهيارِهِ، كانَ لا بدَّ:
-من بقاءِ سوريّة الدّولة، وإيران الدّولة، بعيدتينِ عن هذهِ المنازلةِ.
-من أجلِ بقاءِ دولٍ أخرى، بعيدةً عن الانخراطِ، إلى جانبٍ هذا العدوِّ..