الشائعات و منطق العقل!

الرئيس السابق صالح لازال هو الاكثر حضورا في المشهد السياسي اليمني, يستثمر المآتم و الولائم و المناسبات و اللقاءات و الشائعات افضل من غيره لجمع النقط و ربط المشهد به, اما عن الباقين فهم في عالم مهلنيش. الجميع شغل نفسه بالشائعات و الاصلاح و مشاكل المنطقة, التي ليست فيهن منطقية عقل او حل, بينما صالح لا ينام و شغل نفسه بتوسيع قواعد المؤتمر الشعبي و زيادة تلاحمه و تنسيقه و كأنه يجهز نفسه مع المؤتمر للانتخابات بعد شهور. لذلك عندما يشاهد الداخل و الخارج ان المؤتمر يتحرك تنظيميا, و يتوسع سوف يراهن عليه في اي تسوية, مهما طالت الحرب لاسيما و الشرعية لم تستطيع تنظيم فعالية واحدة يعول عليها, و لا ارسلت خطاب واحد صدقت به, مما جعلها امام الانسان البسيط لا تمتلك حتى تطبيق تصريحاتها بنصف مالتزمت به, و هي شرعية و العالم معها.

الشرعية لم تستطيع الى الان ان تجد لها حامل فكري و تنظيمي, و لا سلوك ثوري تغيري غير فاسد في مؤسساتها, و لا خاطبت الشعب بشكل واضح مستمر, لاسيما و الجميع ينتظر توضيح هنا او هناك, و لو استمرت هكذا و هو الغالب, فان الشرعية سوف تتوه مع الكثير في الفنادق ٤٠ سنة, سع بني اسرائيل في الصحراء. فحزب الجمهورية الى الأمام الفرنسي, تأسس قبل اكثر من عام واحد اي بعد ان وصلت الشرعية للرياض بسنة و نصف من شخصيات لا يتمتعون سوى بخبرة سياسية محدودة و بعضهم ليس لديهم خبرة على الإطلاق و الان هم اغلبية البرلمان في فرنسا, و الشرعية جالسة تعك تريد تستأجر حزب محسوب لصالح و دون فائدة. انا على ثقة ان الشرعية لو دخلت انتخابات بعد تسوية لن تكسب اصوات من وظفتهم معها في السفارات او عدن, و السبب بسيط لا توجد مثالية معها, و لا يوجد عمل مؤسساتي او تنظيمي, او معالم دولة تتشكل حتى في الفنادق او المناطق المحررة, و انما كل شيء يخضع للمساومة و المغانم و للمحسوبية و الانفعال و الصدفة, دون مسودات قانونية و الحرب كانت اصلا من اجل ذلك.

ايضا ان مات الرئيس هادي, او توقف التحالف عن دعمه كشرعية مثلا, اندفنت البقية معه, مما يجعل عملها الى الان عبث في عبث, بعد ان دخلنا معتركات و ارتهانات كان الاجدر ان نكون حذرين منها من الاول. ايضا على حزب الاصلاح الا يختفي في الخلف او يمارس سياسة التقية خوف من التصنيف الخارجي, و انما عليه ان يبادر كافراز قيادات جديدة بخطاب و مسار عقلاني حديث, او توسيع قواعده و عليه ان يرفع مشروع اليمن الجديد بشكل واضح فلن يخسر اكثر مما خسر. حزب الاصلاح لو استمر كما هو عليه الان في تمثيل خطاب الحكمة لن يجد جماعته حتى اماكن يبيعون مساوك و مسابح امام الجوامع. حزب الاصلاح تجربة يمنية فريدة ليست اقل من المؤتمر في وجدان الناخب اليمني مهما تمت شيطنته, اي ليس من العدل ان يدفع قيمة فواتير, لم يكون هو مسؤال عنها.

و مختصر الموضوع طريق الحرب لن تصل اليمن الا الى ارتهان و تمزق اكثر و لعقود, لذا يجب ان يقول الكل يكفي, نبحث عن طريق اخر بعد ان ماتت الناس جوع و قتل و ذل من دون ان يكون لها قرار بذلك. يجب ان يظهر بدل خطاب الحرب و الانتقام و القتل خطاب اكثر عقلانية في جمع البيت اليمني بمختلف اطيافه بعد ان جربنا ضد بعض كل ما نملك. و كلامي لا يعني الا ان الشعب يستجمع انفاسه ثم يختار من يحكمه وقتها عبر الصندوق فقط و ليس من تبلطج و قتل و دمر. فلا شرعية امام الداخل و العالم بعد الان الا بالصناديق فقط, فلا مظاهرات ولا حشود و انما انتخابات ببرامج تتنافسون حولها, لمن اراد ان يحكم. و اخيرا اليوم اعلن البنك الدولي انه قتل في سوريا ٣٠٠ الف شخص وخسارة ماسببته الحرب ٢٢٦ مليار دولار, فهل يجب ان ندفع نفس الفاتورة حتى نعقل؟