مجلس النواب بين شرعية هادي والانقلابيين

أثارت مبادرة مجلس النواب الداعية إلى السلام حفيظة الحوثيين وجعلتهم يعيشون حالة من الهيستيريا والعصبية. وراحوا يبحثون عن ثغرات قانونية تثبت أن الدعوة إلى السلام جريمة وطنية وأخلاقية. واعتبروا أن دعوة مجلس النواب إلى السلام خيانة لدماء الشهداء. جماعة الحوثي تعمل اعتبار لمن مات وليس لمن بقي على قيد الحياة. كيف لا وشعارها الموت لكل من على وجه الأرض والحياة لها فقط. الجوع لكل اليمنيين والشبع لها.

وعلى الضفة الأخرى فتحت شرعية هادي المزاد لشراء بعض أعضاء مجلس النواب ليس من أجل إيجاد حل للأزمة وإنقاذ ما تبقى من اليمنيين الذين أصبحوا ضحايا للمصالح السعودية والإماراتية والإيرانية والقطرية، وإنما لإضفاء المشروعية على جرائم الحرب، وإنقاذ محمد بن سلمان والقيادات السعودية من ملاحقتهم قضائيا.

السعودية تضغط على هادي لجمع مجلس النواب بهدف استباق المرحلة المقبلة التي يبد أنها أضحت قريبة خاصة مع بروز قوى جديدة في الساحة الجنوبية وتآكل شرعية هادي الذي كان يعد حصان ركوبهم لتمرير عدوانهم على اليمن.

الشرعية تريد تجميع مجلس النواب لشرعنة الحرب. والحوثيون يمنعون اجتماعه لكي تستمر الحرب. فهل ياترى سيسقط البعض من أعضاء مجلس النواب وسيعطون صكا للسعودية بتبرئتها من دماء اليمنيين وتدمير المدن وتسليمها للمتطرفين

لماذا يرفض الحوثيون دعوة البرلمان للسلام إنقاذا لما تبقى من البشر والحجر؟ الجواب أن الحوثيين يرفضون ذلك لأن السلام يقود إلى وضع حد لكل ممارساتهم التي أساءت لكل اليمنيين. فالحوثيون يدركون أن إستمرار الحرب تمثل مرتكزا وحيدا لبقائهم. أما الشرعية فهي تدرك أن إلتئام المجلس بعيدا عنها سيحرمها من الحفاظ على أدوات الاحتلال. فليس هناك من أمل في استمرار هذه الشرعية من دون الحصول على شرعية من مجلس النواب. وبينما يعد الحوثيون المقصلة لقطع رأس البرلمان، تتطوع الشرعية بحمل المنشفة لمسح الدماء المسفوكة.

إذا أرادت السعودية أن تخرج من هذا الأزمة فعليها أن تسمح بإزاحة هادي لأن بقاءه الشكلي كرئيس يبقي جذوة الصراع قائمة وستكون التكاليف عليها وعلى اليمن باهظة.

وعلى المجتمع الدولي أن يلتقط دعوة مجلس النواب للسلام ويتخلى عن هادي لأن المشكلة تكمن في الفراغ الذي أوجدته الشرعية والذي سمح ببقاء الحوثيين كل هذه الفترة . وفر هادي مسرح اليمن العملياتي بالقتل والدمار وجرائم الحرب. أما الحوثيون بممارساتهم فقد أضعفوا المطالبة بالحقوق الوطنية وتحولوا إلى فزاعة بنفس الوقت تخاض الحرب باسمهم. بقاء اللجنة الثورية في مؤسسات الدولة كان مدخلا لتحطيم اليمن وإدامة الحرب. وبقاء هادي في السلطة كان مدخلا لإنعاش أطماع مختلفة في اليمن.

تحولت شرعية هادي إلى مبرر للعدوان ومدخلا لتقسيم البلد،كما أن الحوثيين أصبحوا سببا لاتساع أحواض الدم.

شرعية هادي والانقلابيين زجت بالبلد وبالشباب في أتون معركة لا منتصر فيها سوى الموت. هادي والحوثي يتخذون قرارات فردية ويريدون أن تكون المسؤلية جماعية على اليمنيين. تحولت الشرعية والانقلاب إلى بندقية للإيجار بيد السعودية والإمارات وقطر وإيران.

وهنا تصبح دعوة مجلس النواب إلى السلام فرصة ذهبية تحتم على جميع أعضاء المجلس التشبث بها وتقديم أنفسهم كطرف ثالث.وهي دعوة تنقذ الجميع. فالشرعية المتشبثة بتلابيب السعودية ستستغني عنها السعودية بعد الحصول على شرعية تضمن لها إسقاط مسؤوليتها عن الحرب في اليمن. فالسعودية لن تستطيع الاستمرار في مواجهة أعباء حرب الاستنزاف التي أطبقت عليها والتي من المؤكد أنها غير قادرة على تحملها لفترة طويلة. وعلى الحوثيين أن يدركوا أن مبادرة السلام تقطع الطريق على تلك النفسية التي ظهرت في بعض الصور وهي تذبح أسرى. لأنهم سيكونون مستهدفين بهذه النفسية التي بدأت تتشكل بشكل مخيف.

الشعب اليمني أكثر شعب مضطهد في العالم. فهو الشعب الوحيد الذي أصبح بلا أصدقاء في العالم. ومبادرة السلام تفتح أمامه الحياة والعالم من جديد. فهل سيكون كل أعضاء مجلس النواب عند المسؤولية الوطنية والدينية؟