Logo

الحكومات اليمنية- أربع إدارات انهت البلد الى كوارث!!!

 منذ العام 2014، مر اليمن بأربع حكومات متعاقبة، كل واحدة منها جاءت تحمل شعارات واعدة وأولويات جذابة. 
ومع ذلك، جميعها انتهت إلى الفشل الذريع، لتثبت لنا أن الشعارات الجوفاء ورص الكلمات وشراء مرتزقة الاعلام لتلميعهم لا تبني دولة ولا تحقق إنجازًا يذكر.
 هنا اسلط الضوء على هذه الحكومات من خلال التركيز على ما رفعته "هي" من شعارات وليس على مؤشرات التقيم لليمن التي هي كارثية حيث نجد اليمن اليوم في نهاية قوائم التنمية ومهدد بإنهيار مجتمعي اوسع ومجاعة شاملة.
بدأ الحديث عن حكومة تكنوقراط مع حكومة خالد بحاح في 2014 التي رفعت شعار "التعليم كأولوية رئيسية"، وكان مخطط أن تكون تلك الحكومة المكونة من تكنوقراط بوجهة نظرهم قادرة على تقديم نموذج مختلف يستند إلى الكفاءة والتخطيط العلمي. 
لكن الواقع كان عكس ذلك تمامًا. فعندما تم عزل بحاح في أبريل 2016 نظرنا الى كافة المؤشرات فكانت كارثية، وقلنا ننظر لما التزمت به كشعار، وهو التعليم نبحث عن نجاح ولو ضئيل، 
وكانت النتائج كارثية أمام الأجيال لو نظرنا فقط الى هذا الباب وتركنا كل المؤشرات؛ حيث تم تدمير البنية التحتية للتعليم بشكل كامل أو جزئي في أكثر من 2500 مدرسة بسبب الحرب. 
توقفت العملية التعليمية لنحو 1.5 مليون طالب وطالبة، ولم يتلقَ حوالي 120 ألف معلم وإداري مرتباتهم. ارتفع عدد الطلاب الذين تركوا التعليم من 900 ألف عند استلام الحكومة السلطة إلى ما يقارب 2 مليون طالب وطالبة عند خروجها. 
زاد الطين بلة توقف الميزانيات الحكومية والدعم الخارجي تمامًا عن قطاع التعليم، 
ولم يتم بناء معمل واحد أو غرفة دراسية رغم الإعلان عن دعم مالي كبير من المملكة العربية السعودية بلغ حوالي 20 مليار دولار منذ بداية الحرب الى وقت عزل حكومة بحاح. 
هذا الدعم لم يُستثمر في بناء مدارس أو جامعات في المناطق المحررة مثلا او في جزيرة، بل ذهب كل الدعم في مشاريع غير مستدامة. 
هكذا، أصابت حكومة بحاح التعليم بمقتل من الباب الذي أرادت أن تترك فيه بصمتها ولا اريد اعرج على بقية القطاعات لان الوقت لايتسع. 
بعد ذلك جاءت حكومة دكتور بن دغر برفع شعارات "السيادة الوطنية" و"تعزيز الوحدة"، بعد أن استهلكت الحكومة السابقة شعار التعليم. 
ومع ذلك، كانت النتائج كارثية أيضًا. فقدنا السيادة أكثر وأصبحت الحكومة مجرد شريك ضعيف ومنبوذ في ظل هيمنة القوى الخارجية والمحلية. بدلاً من تعزيز الوحدة الوطنية، ظهرت مشاريع انفصالية وصراعات داخلية أدت إلى مزيد من الانقسامات. 
الأوضاع تفاقمت مع فقدان الشرعية السيطرة على العاصمة المؤقتة عدن. ومع نهاية فترة بن دغر، كانت البلاد قد خسرت آخر معالم السيادة الوطنية، وتحولت إلى ساحة للصراعات الداخلية والخارجية. 
ثم جاءت حكومة دكتور معين عبد الملك بشعار "الاقتصاد والتنمية"، متعهدًا بإعادة الاستقرار المالي والانطلاق للتنمية والقضاء على الفساد وحسب تصريحه هو انه حكومة اقتصاد، وليس له دخل بأي شيء اخر. 
وتم توصيفه انه "الحمدي" سوف يكن، ومع ذلك، كانت النتائج في الاقتصاد كارثية، اي اينما اراد ان ينجح، 
 فالعملة انهارت بشكل كارثي حيث ارتفع الدولار من 600 ريال عند استلامه الحكومة إلى 1880 ريالًا عند خروجه منها. 
ارتفعت الأسعار بشكل جنوني؛ حيث وصلت تكلفة السلة الغذائية الواحدة إلى 100 دولار، بينما لا يتجاوز راتب المعلم في مناطق الشرعية 40 دولارًا. لم يحقق نجاح فيما هو ذكر أي اقتصاد وتنمية، 
وأعلن وقتها أنهم سيتجهون للزراعة، وبالتحديد زراعة القمح، لكنهم لم يزرعوا حتى "شجيرة في شاجبة على قولتنا"، وكان تعليلهم أن الهند وافقت على بيع القمح لليمن ولم يعد هناك ضرورة ولم يدعم مشتل أو مدرسة أو مستوصف. 
اما كافة القطاعات، بما في ذلك التعليم والصحة والكهرباء ورقية الخدمات، انهارت بشكل غير مسبوق. 
في عهد الدكتور معين، غاب ايضا مفهوم الحكومة من العقل الجمعي للمجتمع، لدرجة لو طرحت سؤال من هو وزير السلطة المحلية او الشؤون الاجتماعية او الزراعة لن يعرف احد، ولم يعد أحد يهتم بوجودها أو غيابها. 
حتى عندما تم عزله، اختفى اسم حكومة معين واسمه خلال اسبوع من الساحة مثل الذين سبقوه، ولم يذكر المجتمع اليوم من حكومته سوى الكوارث والفشل، التي انتشرت وتوسعت. 
وأخيرًا، ظهرت حكومة دكتور بن مبارك منذ عام، ولم تقدم أي جديد. بل على العكس، زادت الأمور سوءًا. استمر انهيار العملة حيث ارتفع الدولار من 1860 ريالًا إلى 2340 ريالًا خلال عام واحد. رافق ذلك انهيارات في قطاعات الكهرباء والمياه وغلاء الأسعار. 
وحتى استمرار الدولة في دفع مرتباتها أصبح يعتمد على دعم سعودي قدره 250 مليون دولار كل ثلاثة أشهر، مما يعني أن الدولة لا تمتلك ذاتها ولا استمرارية دون هذا الدعم. ومختصر الامر استطيع اضع ارقام الدولة في كل القطاعات لنثبت حجم الكوارث. 
 اليوم لا يمكننا إلا أن نتفق على حقيقة مُرّة وهي أن الحكومات اليمنية المتعاقبة لم تكتفِ بتدمير حياة المواطن في الداخل، بل أثقلت كاهل المغترب اليمني أيضًا.
 فالمغترب الذي كان يحلم بحياة أفضل لنفسه ولأسرته، أصبح اليوم يتحمل أعباء إضافية نتيجة الانهيار الاقتصادي والاجتماعي في الوطن. 
فهو لا يعاني فقط من تحديات الغربة وصعوباتها، بل صار مطالباً بدعم أسرته الصغيرة وأقربائه في الداخل، بل وحتى مجتمعه المحلي الذي انهارت فيه مؤسسات الدولة وتنعدم فيه الخدمات الأساسية وانعدم الراتب والدعم. 
هذا الواقع يعكس حجم الكارثة التي سببتها الحكومات اليمنية، حيث أصبح المواطن اليمني -سواء في الداخل أو الخارج- ضحية لسياسات فاشلة واستنزاف ممنهج، تركته وحيداً يواجه عواقب انهيار نظام كامل دون أن يكون له أي ذنب سوى أنه ينتمي إلى وطنٍ فقد بوصلته وقياداته الرشيدة. 
اما أسباب الفشل الجذري تعود إلى غياب الكفاءات الحقيقية وعدم وجود حكومة تكنوقراط حقيقية  تمتلك استراتيجية واضحة لمعالجة الأزمات. 
يصاحب ذلك الفساد المنتشر كثقافة براغماتية وصلت إلى حد الانتهازية، حيث يتم استنزاف المساعدات والموارد لصالح من هم قائمون عليها. 
كما أن غياب التوافق بين القوى السياسية المختلفة أدى إلى عجز الحكومات عن تنفيذ برامجها والتي هي برامج مشوهة اصلا، وهو ما يعكس عدم وجود مشروع وطني حقيقي وواقعي. 
اليمن اليوم في حالة يأس حقيقية نخسر مع كل حكومة اكثر فاكثر. لا كفاءات ولا ثقافة بناء ولا حلول مستدامة ولا قيادات وطنية. 
الكل يمثل والكل يكذب على الكل، والاختلاف الوحيد هو كيفية استنزاف البلد والفرص، لبيع الباقي ولبناء أسرهم في الخارج. 
وإذا أردنا الخروج من هذا المستنقع، فنحن بحاجة اليوم إلى رؤية جديدة تعيد الثقة بالدولة وتضع مشروعًا وطنيًا يستثمر إمكانات اليمن الداخلية والخارجية، مع دعم خارجي لتحقيقه. 
نحتاج إلى فرق عمل وطنية بثقافة ثوار فيتنام وليس انتهازيين كما نشاهد، تؤمن بأنها تستطيع بناء مشروع حقيقي للأجيال القادمة. 
واخيرًا كلما تأملت الحكومات اليمنية المتعاقبة منذ الثورة، والتي بلغ عددها أكثر من 45 حكومة، ولم أجد أي إنجاز حقيقي يُذكر، أعود بفكرٍ عميق إلى قوله تعالى: "كلما دخلت أمة لعنت أختها حتى إذا اداركوا  فيها جميعًا قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا فاتهم عذابًا ضعفا من النار قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون" . 
ونسأل الله يجزي من حول حياة اليمنيين الى اشكالية معقدة ضعف عذاب من سبقهم، لانه لايوجد انسان متزن يتاجر بمجتمعه وقت الكوارث، ليبني مستقبل اسرته في الخارج من معاناة مجتمع.