القات عادة فوضوية !

لا يمكن تشبيه القات بالويسكي أو النبيذ أو حتى الفودكا. فكل هذه المشروبات "مكيفات"، أما القات فهو أسلوب حياة.

وإذا أردنا أن نشبه القات فالأحرى أن نشبهه بالهيروين في افغانستان، او الأفيون في الصين قبل الثورة الثقافية.

تتصف مواقف المثقفين اليمنيين من القات بالميوعة. فلا هم منه ولا هم ضده. أما براعتهم فتنحصر في التبرير تحت العذر الشهير: "لكل شعب مُخدِره واِدمانه".

ولو كان موقف مثقفي الصين من الأفيون بنفس ميوعة موقف المثقفين اليمنيين من القات لظلت الصين موطن الفقراء والمخدرين والمرضى والموهومين كما هو حال اليمن اليوم.
القات ليس كيفاً، إنه أسلوب حياة عبثي يسقط فيه "المدمن-المولعي" فيسيطر على عاداته وافكاره ومشاعره وسلوكه.
انظروا كيف يتحكم القات في طبيعة المأكولات فيتجنب المدمنون عليه تناول الفواكه لأنها تؤثر على طعم القات.
وانظروا كيف يؤثر على انجازنا وأعمالنا فتخلو المكاتب في الصباح من الموظفين (بعد ليلة سهر طويلة مع الخدر والأوهام)، ثم تتحول مقايل القات بعد العصر إلى "مكاتب" بديلة تنجز فيها بعض الأعمال على قاعدة المحسوبية والنفاق والوساطة.
وانظروا كيف يتحكم القات في نمط البناء و طبيعة الأثاث فيصبح "المقيل او المفرج" أكبر وافخم أجزاء المنزل، بينما تُهمل بقية الغرف وتبقى صغيرة رثة ومظلمة.
بل انظروا كيف يتحكم القات في حياتنا فيحدد نهاية اليوم الساعة الواحدة ظهرا؛ لتبدأ بعده طقوس التخدير والوهم الطويلة التي تستمر الى العاشرة ليلا، فتنقسم حياة المدمن الى قسمين فقط: ما قبل القات وأثناء القات.
وانظروا كيف يصحو المدمن من نومه لا ليفكر في عمله أو اسرته، ولكن ليفكر في جرعة القات التالية.
المشروبات الروحية لها طقوسها وقوانينها (لا يتعاطاها من دون سن 18، يتم تعاطيها وبيعها في اماكن محددة، يعاقب من يقود سيارته وهو تحت تاثيرها).
أما القات فعادة فوضوية قذرة بلا قوانين ولا أخلاقيات ولا اتيكيت.
شَبِهوه بالأفيون والهيروين والكبتاغون ولا تخدعوا هذا الشعب المخدر وتخدعوا أنفسكم.