الوطن فوق كل الاعتبارات

حين ندقق في واقع المجتمع اليمني اليوم نجد شعوراً عاماً مسيطراً عنوانه " الإحباط " ومن المؤلم أن هذا الشعور يغمر مختلف شرائح المجتمع بما فيهم البسطاء ومروراً بالسياسيين وحتى الإعلاميين ولا اعتقد ان هناك من مؤشرات ايجابية على ارض الواقع تدفع للتفاؤل وكنت اعتقد دائما وبقراءة منطقية للواقع ( من وجهة نظري ) أن هذه الحرب القذرة التي يدور رحاها في ارض الوطن سوف تنتهي عاجلاً أو آجلاً بقرار سياسي في نهاية عام 2017 كحد أقصى وفجأة برزت على السطح مجموعة من الأحداث شوشت الرؤي وجعلتنا نقف عاجزين أمام الكثير من الأسئلة التي تدور في أذهاننا وفي أذهان الجميع.

وتتزامن هذه التساؤلات مع بروز مستجدات هامة على الساحة اليمنية أولها ظهور مايسمى المجلس السياسي الجنوبي المتمرد بكل وضوح على الشرعية اليمنية ( بسبب إقالة أعضائه منمناصب في الدولة) والمسنود من دول عربية ويظهر ذلك جليا من خلال الدعم المالي الغير محدود وكل تلك التجهيزات التي إن لم تفضي الي الانفصال فهي لا شك تعرقل القيادة الشرعية وتستهدف النيل منها ولم نعد ندرك بالفعل ما هو حدود الدور الذي تقوم به قوات التحالف العربي من اجل الشرعية اليمنية هل يقتصر على المساندة والدعم اللوجستي والعسكري المساند للشرعية والتنسيق التام مع القيادة الشرعية لاسترداد الدولة كهدف استراتيجي تم الإعلان عنه منذ البداية حفاظا على اليمن والإقليم؟

لا سيما واليمن هو عمق استراتيجي هام جدا لأشقائه في المحيط العربي أم إن هذا الدور سوف يتجاوز ذلك ؟؟

إن المرحلة التي يمر بها المجتمع اليمني اليوم لعلها تكون من أهم المستجدات التي طرأت عليه فمنذ سنوات الربيع العربي مرورًا بسنوات الحرب مرت على اليمن سبعا عجاف لم يعد المواطن اليمني بمقدوره أن يتحمل وان ينتظر حصاد البيدر الي عام آخر ولا اعتقد انه بإمكان شعبا آخر غير الشعب اليمني العظيم أن يتحمل كل هذه الأهوال المختلفة من المرض والجوع مع كل هذه الظروف الاقتصادية القاسية وفي ظل هذه الحرب الخانقة والحصار التام واذا كان مطلوبا منا كيمنيين أن نواجهه ثقافة الإقصاء والاستبداد والتسلط والصوت الواحد حتى لو أدى ذلك إلى تدمير مقدرات الوطن عن بكره أبيها فماذا نسمي هذا الذي يحدث من تدخل سافر في شئون اليمن الداخلية وإذكاء لنار الفرقة والعنصرية التي تفتك بما تبقى من الوطن ولماذا لا نرى إدانة لهذا السلوك المشين ؟؟

أين مرتبات جميع الموظفين في الجمهورية اليمنية التي وعد بها الرئيس هادي عندما اتخذ قرار نقل البنك المركزي الي عدن ؟

لن أتعمق في التفاصيل وما أكثرها لكني اتسائل هل كل هذا الأنين من قبل الشعب لم يصل بعد الي أذن الرئيس هادي وأعوانه ؟؟

نعلم جيداً أن الخيارات السياسية للرئيس ضيقة ومتعرجة وان الإمكانيات المتاحة أمامه ليست تلك التي تلبي كل التطلعات لكننا في المقابل لا نريد أن نصبح وطنا منسيا كأرض الصومال الشقيق .

إن الأحداث المتسارعة المتلاحقة التي يمر بها إقليمنا العربي والتي بالتأكيد تؤثر علينا وتتأثر بنا لا نريدها في نهاية المطاف أن تعود بالضرر على مصالحنا الوطنية وتهدد النسيج الاجتماعي اليمني فنحن وحتى اليوم ما زلنا ساحة صراع إقليمي .

كتب علينا في هذه المرحلة المظلمة من تاريخ الأمة العربية أن ندفع نحن اليمنيين الثمن الباهظ والأعز من دمائنا ووطننا وان نكون وقوداً لمعركة البحث عن الهوية فلا يجب أن نخفض الصوت وان ندفن رؤوسنا في التراب كما تفعل النعام وان نقول بان الوضع رائع ومثالي فهذا تسطيحاً للحالة وإنكارا لها لذا يجب أن تكون هناك مكاشفات ويجب أن نتحدث بوضوح في سبيل وحده الصف وتحقيق هذا الهدف يجب أن تحترم مسالة الهوية الوطنية اليمنية وان لا يتدخل فيها احد و علينا أن نتفق على ذلك إذا ما أردنا أن ننتصر على عدونا الحقيقي الذي يستهدف عرقنا وديننا وهويتنا .

لن أذيع سرا لو قلت انه لا يمكن لأحد أن يستثمر في العلاقات اليمنية السعودية لا من قريب أو بعيد فقد شاء الله عز وجل أن يكون اليمن هو العمق الاستراتيجي للمملكة العربية السعودية وان تكون المملكة هي العمق الحيوي لليمن ولا احد يستطيع أن يشكك في الدعم الكبير الذي تقدمه المملكة العربية السعودية لليمن فهي الداعم الأكبر والحضن الدافئ للعمالة اليمنية المختلفة لا ينكر ذلك الااعمى أو فاقد بصيرة وهذا في الحقيقة هو بصيص الأمل الذي يجعلنا نشعر بان الأمور ما زالت بخير وانه لا بد لهذه المرحلة أن تنتهي الي غايتنا جميعا فنرى اليمن وقد عاد الي محيطه العربي والإسلامي آمنا مستقرا ورغم كل هذا الظلام إلا انه ما زال الرهان على الحكمة اليمانية أن تنجح في نهاية المطاف وان يجلس الجميع الي حل سياسي عادل يضمن العدالة والحرية لكافه أبناء الوطن وان ينهض اليمن بين أشقائه العرب من جديد ويعود كما كان في غابر التاريخ اليمن السعيد واعتقد أننا سنرى في الأيام القادمة توجها واضحا لقيادة التحالف العربي ينسجم تماما مع توجه قيادة الشرعية اليمنية ويتواءم مع ما تتخذه من قرارات تخص الشأن الداخلي اليمني .

في الأخير أود الاشاره الي أن مصير الوطن اليوم ومن خلال الواقع المر الذي نعيشه لن تحدده التوافقات الدولية ولا اشتراطاتها حتى لو اتفقت القوى الكبرى على ذلك خصوصا وان الجميع بات مستندا على قوة حقيقية على الأرض كما لن تحسم المعركة ميدانيا وليس من سبيل إلا التفاوض وتقديم التنازلات من جميع الأطراف حرصا على أن لا نصبح صومالا آخر منسيا في هذا العالم الذي يحترم الأقوياء فقط ويؤمن بالدول ولا يعترف بالكيانات الهشة.