أعلامٌ بلا علم، ومجدٌ بلا أساس!!
أي بلد تستهدف مشروع الغرب في المنطقة العربية سيصرّ الغرب على تجريده من كل سلاحه ومابيده،
وقد راقبنا كيف استطاعت جميع أجهزة مخابرات الغرب وإسرائيل أن تتغلغل داخل إيران وتراقب جميع مفاصلها تحضيرًا لهجوم شامل حتى حققوا أهدافهم - وهذا هو العقل والتخطيط الغربيان.
ليس مهم الان نقاش انتصرت او انهزمت إيران لكن المهم أن إيران سوف تستفيد من هذه التجربة المريرة، وكذلك إسرائيل التي ستتعلم من نقاط ضعفها أيضًا، وأي حرب قادمة في المنطقة سوف نشاهد لها ابعاد اخرى لكن على ثقة انه لن تكن بين إيران وإسرائيل.
سوف تتعلم إيران أنها لا يجب أن تخوض المعارك بعيدًا عن حدودها أو نيابة عن أحد، ولن ترفع مستقبلًا شعارات مثل "تحرير فلسطين"، ولن تهتم بأحد بعد الآن، لأنها كانت على حافة الانهيار الشامل.
الغرب لا يمزح ولايبني مشاريع لتفشل او كاوراق يانصيب في منطقتنا مثل حالنا.
وسوف نشاهد في المستقبل علاقة غريبة ومفاجئة، وهي علاقة تقاسم النفوذ بين إيران وإسرائيل في المنطقة، على حساب العرب، خصوصًا بعد أن جرّبت إسرائيل ما تمتلكه إيران من قوة، وجربت إيران أيضًا نفس الشيء من قبل اسرائيل وامريكا.
إن هذه الحرب سريعة وخاطفة تمثّل نقطة انعطاف داخلية لإيران، وإذا بها رغم ما أصابها ستنهض من جديد، وسوف تصبح أمة عظيمة في المستقبل، سيُرضيها الامريكان حتى وهي تعاني من أثر الهزيمة لاسيما وهم لم يجدوا لا الصين ولا الروس معهم وسوف يجدون أنفسهم مضطرين للارتماء في حضن الغرب.
فالهزائم الآنية قد تغيّر مجتمعًا إلى الأبد، وهزيمة إيران أمام التكنولوجيا الغربية وانظمة المخابرات الغربية وتغلغهم داخلها ستغيّر أولوياتها، وفي النهاية ستنتصر في بناء أمتها ودولتها إذا خرجت من قوقعة الشعارات وتصدير مفاهيم لم تجلب لها شيئًا،
فلا الميليشيات في العراق، ولا النظام السوري ولا حزب الله كان بجانبها، كخط اشتباك مباشر الى حدود اسرائيل كما كانت التوقعات ومارسموا له من عقود. استثمار لم يكن مجديًا لها. لقد تعلموا درسًا مؤلمًا:
أنه لم يعد هناك مكان لأي حليف أو صديق أو داعم في مستقبلهم وكانوا سوف ينتهون كنظام والبديل كان جاهز. الان سوف ينطلقون بشكل مختلف بالاعتماد على ذاتهم. هذه المرة اخرجتهم قطر من كماشة الدمار، وجائزة نوبل للسلام سوف تكن لامير قطر من وجهة نظري.
وأخيرًا كما قلت سابقًا، ما يهمنا هو أن تفيق الدول العربية وتتعلم أن "أراب آيدول" و"ذا فويس"،وحفلات ليالي الرياض ودبي والغردقة والعلمين، وعدد ناطحات السحاب والجسور والقنوات التلفزيونية، والمهرجانات المتعددة لم تكن يومًا مؤشرًا حقيقيًّا للتقدّم، ولا استثمارًا حقيقيًّا في بناء السيادة. إن الاستثمار الحقيقي يكون في العلم والمعرفة ، وفي توطين التكنولوجيا لخدمة الأمة وحمايتها.
فقط بذلك يمكننا أن نصنع لأنفسنا بصيص أمل، ونبني دولًا ذات معنى وقيمة حقيقية.
ورسالتي هي ليس هناك أعلامٌ نتخندق حولها بلا علم، ولا مجدٌ نبنيه بلا أساس، ولا سلطاتٌ نهتف لها ونحن في دوائر الفقر والحرمان. ولا وطنية حقيقية، والكل يستجدي الخارج، ويَنكفئ أمام من يدفع، متاجراً بكل ما تحت يده ولاقيادات نرتبط بها لاتعي ماهي اولويات المجتمع وادوات العصر وادمنت الاخفاق، ولامعارك سوف ننتصر بها واسلحتنا من بقايا معركة حطين.
فالطريق إلى صناعة أمةٍ قوية ومنتصرة ليس بالشعارات والصراخ والأماني، وإنما عبر بوابة المعرفة والتقنية والاعتماد على الذات فلا مكان للوهم في عالمٍ تتصارع فيه الآلات، وتتسيد فيه المعرفة كسلاحٍ لا يُقهر.
في الصراعات القادمة سوف تنتصر ليس مشاريع التقزم وانما مشاريع القدرات الفائقة، وسنقف أمام الآلات الذكية والخارقة حتى وأن كان الحق معنا وكأننا لا نملك معنى أو قيمة ولن ينظر الينا.