Logo

الدبلوماسية اليمنية شلل الواقع وإمكانات فرص الإصلاح

 تعد الدبلوماسية أداة استراتيجية لسيادة الدول وإبراز صورتها وحماية مصالحها في العالم ..

لكن اليمن منذ اندلاع الحرب عام الفين وخمسة عشر شهد تدهورا كبيرا في بنيته الدبلوماسية نتيجة الانقسام السياسي والمؤسسي وغياب الرؤية الوطنية الجامعة وتعدد الخطابات الخارجية ..

هذا التدهور انعكس على صورة اليمن عالميا وعلى قدرتها في التأثير داخل المنظمات والمحافل الدولية..

أصيب الجهاز الدبلوماسي الرسمي بحالة من الشلل نتيجة ضعف وزارة الخارجية وتداخل صلاحياتها بين عدن والرياض وتفاقم التوظيف العشوائي المبني على الولاءات والمحاصصة الحزبية..

 فضلا عن استبعاد الكفاءات وتجميد البعثات في كثير من الدول ومع انعدام المساءلة تحولت بعض السفارات إلى منصات شخصية مغلقة لا تخدم المصلحة الوطنية بل تخضع لحسابات المصالح الضيقة..

في المقابل نشطت جماعة أنصار الله في بناء ما يعرف بالدبلوماسية الموازية مستفيدة من وساطات إقليمية غير رسمية واتصالات غير معلنة مع أطراف دولية مستغلة حالة الانقسام في الشرعية..

 وبرغم عدم الاعتراف الدولي بها تمكنت الجماعة من فرض نفسها كطرف فاعل يصعب تجاوزه في أي مفاوضات قادمة..

أخفقت الوساطات الأممية والخليجية في الوصول إلى تسوية نهائية بسبب غياب الشمولية وتهميش القوى الوطنية المدنية وعدم امتلاك الحكومة المعترف بها خارجيا رؤية دبلوماسية موحدة ..

وبدل أن تكون وزارة الخارجية صوت الدولة أصبحت انعكاسا للشلل والانقسام في وقت تحولت فيه قضايا اليمن إلى ملفات هامشية على أجندات المجتمع الدولي..

وفي هذا السياق يواجه وزير الخارجية الدكتور شايع محسن الزنداني تحديات جدية في تنفيذ أي إصلاح حقيقي للجهاز الدبلوماسي ..

إذ أن الضغوط السياسية وتعدد مراكز النفوذ داخل الحكومة والتدخلات في التعيينات والسفارات تعرقل مساعيه في استعادة الحد الأدنى من المهنية داخل الوزارة.. 

وقد وجد نفسه محاصرا بين متطلبات الإصلاح وواقع قائم على المحاصصة والتوازنات ما جعل خطواته بطيئة ومقيدة رغم النوايا المعلنة..

لذا فإن أي إصلاح جاد يجب أن ينطلق من نهج عادل وشفاف في تعيين الكوادر الدبلوماسية وينبغي أن تمنح الفرص لكفاءات جديدة ومتخصصة بعيدا عن منطق إعادة تعيين نفس الأسماء التي قضت أكثر من عشر سنوات في الخارج أو الأفراد المرتبطين بمراكز نفوذ وقيادات سياسية.. 

كما يجب إنهاء ظاهرة تدوير المناصب داخل حلقة ضيقة من المرتبطين بعلاقات قرابة او صداقه او حاصلين على دعم حزبي او سياسي واستبدالها بنظام تنافسي مهني يفتح المجال أمام الكوادر التي تم استبعادها والكوادر  الشابة والنساء وفق معايير واضحة..

ولتعويض الغياب المؤسسي الحالي تبرز الدبلوماسية الرقمية كأداة ممكنة لتفعيل الحضور اليمني عالميا عبر منصات إعلامية ومنصات التواصل وبناء خطاب وطني جامع يخاطب الرأي العام العالمي..

 فالدبلوماسية اليمنية إذا ما أعيد بناؤها على أساس النزاهة والفعالية يمكن أن تتحول إلى ذراع حقيقي لإعادة الاعتبار لمكانة اليمن وتعزيز فرص السلام وتحقيق المصالح الوطنية العليا بعيدا عن الحسابات الضيقة..

* سفير بوزارة الخارجية