الحوثيون... لعنةُ التاريخ، وزَبَدُ الحاضر، وزلّة الحظ القاتلة
في لحظات التحوّل الكبرى، تظهر المواقف، وتنكشف الأقنعة، ويُعرف من يقف في صفّ الوطن، ومن يتربّص به خلف ستار الدين أو الادّعاء بالحق.
في زمنٍ كالذي نعيشه، لم نعد بحاجة إلى مصطلحاتٍ دبلوماسية ناعمة، بل إلى كلمات تشبه الرصاص، تُسمّى الأمور بأسمائها، وتضع النقاط على رؤوس الجراح.
والحقيقة المرّة التي يعرفها كل يمني الآن، هي أن جماعة الحوثي لم تكن يومًا جزءًا من نسيج هذا الشعب، بل جاءت ككابوسٍ ثقيل، كخطأٍ تاريخي، كعقوبةٍ جماعية على سباتنا الطويل.
الحوثيون ليسوا تيارًا سياسيًا، ولا جماعة فكر، ولا حتى حركة تمردٍ تحمل مشروعًا. إنهم زَبَدُ الأيام حين تتعفّن، ونتوء الزمان حين يعمى البصر والبصيرة.
إنهم نكسة الوعي وزلة الحظ وخيانة اللحظة التي نام فيها الوطن فنهشته الذئاب من الداخل.
إنهم الطارئون، شذاذ الآفاق، الذين انسلّوا من كهوف الجهل وتسلّقوا جدران الخراب تحت عباءة الدين والسلالة والحق الإلهي.
هؤلاء لم يأتوا من رحم الشعب، بل من رحم الكراهية. لم يخرجوا من صفوف الفقراء ليحملوا عنهم الأمل، بل خرجوا من أقبية التاريخ المظلم ليحملوا إليهم الجوع والخوف والخراب. هم لا يصنعون دولة، بل يكدّسون القبور.
لا يقيمون عدالة، بل يوزّعون الموت على مقاسات الولاء. هم ليسوا أبناء وطن، بل مرتزقة الكهوف، وعبيد السلالة، وحثالة الطمع الذي لبس عباءة القداسة.
هؤلاء الذين يرفعون شعار “الصرخة” لا يُسمِعون بها إلا أنين الأمهات، وصراخ الأطفال تحت الأنقاض. شعارهم خرافة، ورايتهم لعنة، وسلاحهم موجّه إلى صدور اليمنيين لا إلى صدور الأعداء.
كيف لجماعة تزعم العداء لأمريكا، بينما لا تجرح سوى الشعب؟
كيف لمن يدّعي المقاومة، أن يحتل المدارس بدلًا من المتاريس؟
أن يخنق الناس في طوابير الغاز لا في ساحات المعارك؟
أن يفرض "الخُمس" على لقمة المعدمين بينما يملأ بطونه من قوت المساكين؟
هم ليسوا إلا وباءً سياسيًا، وفيروسًا اجتماعيًا، وعاهة فكرية سكنت جسد الأمة حين انهارت من الداخل. كلاب الحروب، أيتام فارس، وأدوات طهران الصدئة التي لم تجد موطئ قدم إلا فوق جماجم العرب.
هؤلاء لم يسقطوا الدولة فقط، بل سقطوا أخلاقيًا وإنسانيًا وحضاريًا، لأنهم ببساطة لا ينتمون للزمن ولا للإنسان.
لقد نكّلوا بالناس باسم الدين، وباسم الولاية، وباسم "الحق الإلهي" الزائف، فكأنما الله منحهم تفويضًا بقطع الأرزاق وسفك الدماء وتعذيب الأحرار في السجون. يتشدقون بأن مسيرتهم "قرآنية"،
بينما لا ينتمون للقرآن في شيء. فأي "قرآن" يبرّر الظلم؟!
وأي "دين" يُستخدم مطرقةً على رؤوس الأبرياء؟ وأي حسينٍ هذا الذي يفرح بسقوط القرى؟!
يتاجرون بالحسين ويخونون مبادئه، فليسوا إلا نسخة معاصرة من ابن العلقمي، يتسللون بالدين ويغدرون بالأوطان، عملاءٌ بطباع الأفاعي، يُسقطون الدول ثم يبكونها، يُهلكون القرى ثم يتحدثون عن العدالة.
يا أبناء اليمن، هؤلاء لا يريدون حلاً، بل خلودًا في السطو. لا يريدون شراكة، بل عبودية. لا يسألون عن الوطن، بل عن العرش.
لذلك، لا تفاوض مع الطغاة، ولا حياد مع القتلة، ولا منطق مع من هدم البلاد في لحظةٍ نشوة.
فكل يدٍ تصافحهم تخون، وكل فكرٍ يبررهم ساقط، وكل صوتٍ يساوي بين الضحية والجلاد مرتزقٌ بثوب ناعم.
الحوثي هو الخيانة تمشي على قدمين، والجهل يرفع راية، والطائفية حين تتعسكر.
الحوثي هو القيح الذي انفجر من جرح الوطن حين طال الصمت، واللعنة التي لن تُرفع إلا بثمنٍ غالٍ من التضحية والعزم والكرامة.
أيها الثائر، لا تتردد. كل رصاصة في بندقيتك حق. كل شهيد في دربك نور. كل صرخة في وجههم حياة.
فهؤلاء لا يُهزمون بالحوار، بل يُجتثّون كما يُجتث الورم الخبيث. الوطن لا يحتمل السرطان... الوطن لا يُداوي الخيانة، بل يدفنها.
وإنا لقادمون.