Logo

"الكهف الذي ابتلع اليمن: من الكهنوت إلى الخراب"

 أيها اليمنيون،
هذا زمنٌ مريض، خُدِّرت فيه العقول، وابتُلعت فيه الحقيقة في كهفٍ مظلم، لا يخرج منه النور، ولا ينجو منه العقل. كهفٌ ليس كالآخرين، لا يحوي أسرار الحكمة بل دجلًا ودمًا وعظامًا مكسورة. 
كهفٌ خرجت منه عصابة تدّعي النسب، لكنها في حقيقتها مجرّد كذبة، ترتدي عمامة الخرافة، وتتنكر للإنسان، وتبصق على الوطن.

منذ أن خرجت هذه الجماعة من كهوفها في صعدة، زاعمة أنها من "آل البيت"، لم نرَ بيتًا إلا وهُدم، ولا أرضًا إلا وتشققت، ولا خبزًا إلا وتحول إلى رماد. 
كهنة المعبد الجديد جاءونا يتلون شعارات الموت، ويحيكون طقوس الخراب، ويلعنون الجمهورية، كأنهم عائدون من غبار التاريخ ليصنعوا دولة من الأوهام وخرق الشعوذة.

ما الذي فعله الحوثي غير سرقة الدين لصالح السلالة؟ ما الذي جلبه غير فكر الكهف؟
هم ليسوا ثوارًا، بل أنبياء زيف، يكتبون الوحي في الكهوف، وينسخونه على جدران المقابر، ينادون بالحرية ويمارسون الاستعباد، يحاربون العلم، يكرهون الفن، يحتقرون الحياة، لأنهم لا يرون في الإنسان مواطنًا بل مجرد عبد في دولة الإمام.

أي وطنٍ هذا الذي يُحكم بمن يعتقد أن له "حقًا إلهيًا" في رقاب الناس؟
أي دستورٍ يُكتب على جماجم الأحرار؟
أي دولة تُبنى على هدم كل مؤسسة، على تقويض التعليم، وتجويع الشعب، وتمجيد السلالة، وبناء مجد وهمي من جماجم الأطفال؟

لقد عشنا عشر سنوات في زمن كهنتهم، سبعًا عجافًا، لم نرَ فيها إلا الموت والتخلف والغلاء والمهانة.
نهبوا البنوك، صادروا المرتبات، نهشوا الحريات، وأسسوا دولة لا تقوم إلا على الزيف والدم والصرخة الفارغة.

يريدون جيلاً بلا مدارس، شعبًا بلا صوت، وطنًا بلا سيادة.
يريدون للناس أن يسجدوا لعبدالملك كما سجد الجهلاء في عصور الوثنية.
يتكلمون عن "الولاية"، ويجعلونها مظلّة للنهب والتوريث الطائفي.
يُلزمون الناس بشعارات الموت، بينما أولادهم يتعلمون في الخارج، ونساؤهم يسكنّ القصور، وخرافاتهم تُحقن في عقول البسطاء تحت مسمى "دورات ثقافية" هي في حقيقتها غسل أدمغة واستعباد جماعي.

أيها اليمني،
هؤلاء ليسوا أبناء الوطن، بل غزاةٌ بثياب الداخل.
هم امتدادٌ لمشروع الفقيه، وخط من خطوط ولاية الفقيه، لا علاقة لهم بيمنك، ولا بجمهوريتك، ولا بأحلامك.
هؤلاء عار على الفكر، وعلى الدين، وعلى الثورة.

كفى صمتًا!
إن الساكت عن الكهنوت شيطانٌ آخر، والمهادن للخرافة خائنٌ للحقيقة.
هذا زمن الفضح، لا المجاملة.
زمن تعرية هذا المشروع الجاهلي، الذي ينفخ في النار من كهف صعدة، ليحرق وطنًا عمره آلاف السنين.

عودوا إلى الجبال، إلى السهول، إلى السدود، إلى مدارس الجمهورية، إلى أناشيد الصباح، إلى كرامة الإنسان اليمني.
لا تسمحوا للكهوف أن تحكمنا، للكهنوت أن يُلبسنا أغلاله، للخرافة أن تصوغ مصيرنا.

اليمن ليست إمارة طائفية، ولا ضيعة للسلالة، ولا مسرحًا لصرخة الموت.
اليمن حرة، جمهورية، مدنية، قوية، صلبة، عصيّة على الكهنوت والخرافة.

ولتلعن كل صخرةٍ في هذه البلاد اليوم الذي خرج فيه الحوثي من كهفه، لينشر الظلام في بلادٍ كانت دومًا مهدًا للنور.