Logo

اليمن بين خيانة الأحزاب وتمزق الأسرة: وطن يصرخ من الداخل

 تقف الأحزاب السياسية والأسرة اليمنية على طرفي جبهة واحدة، كل منهما يعكس عمق الشرخ في وعي الوطن ومصيره.
فيا أحزاب اليمن الجمهورية أما آن لكم أن تسألوا أنفسكم بصدق: 
هل أنتم حقا أحزاب؟ أم مجرد أشباه أحزاب تتبارى في عبثية مذهلة لا يحسدكم عليها حتى مهرجو السيرك السياسي؟ 
..تتخاصمون على مقاعد بلا شرعية، وتتنازعون سلطة بلا دولة، وتحشدون جماهير بلا حلم، ثم تتساءلون بدهشة: كيف تسللت المليشيات الح..وثية إلى الدولة؟
في الواقع أنها لم تتسلل، بل أنتم من فتح لها الأبواب، وقدم المفاتيح، وترك العقل خارج اللعبة. 
وعندما ارتفعت راية "الولاية"، بدأتم تشتكون من الخرافة، وكأنكم نسيتم أن الفراغ لا يُترك بلا بديل.
فيما أنتم اليوم تتقاذفون التهم كمدمنين ، وتسخرون من بعضكم، فيما الح..وثي لا يسخر، بل يحكم. 
نعم..أنتم تعقدون مؤتمرات لا يحضرها أحد، تصدرون بيانات لا تقرؤها حتى القطط الضالة، بينما الطرف الآخر يصنع واقعا مرعبا نعم، لكنه واقع.
ولقد خسرتم الفكرة قبل أن تخسروا المعركة. 
فكرة الدولة، لا الجماعة، ولا الغنيمة. فكرة الوطن، لا المكايدة. أما "الشرعية" التي ترفعون شعارها، فقد تحولت إلى وهم شعري، لا يطعم جائعا، ولا يحرر مختطفا.
ومثلما شاخت الأحزاب، تمزقت الأسرة. 
فتصوروا بيتا يضم أبناء بعضهم مع الجمهورية، وآخرون مع المليشيات الكهنوتية. 
وهذا ليس خيالا دراميا، بل واقع يعيشه يمنيون كُثُر. 
فالبيت الواحد صار جبهة، والدم الواحد صار أداة للخصومة، والحديث اليومي صار رصاصا معنويا.
والشاهد إن الشرخ في الأسرة ليس فقط انعكاسا للصراع السياسي، بل هو مرآة لعجزنا عن التوحد.
 والمليشيات الح..وثية لا تقاتل فقط بالسلاح، بل بالأيديولوجيا، إذ تسعى لتفكيك النسيج الاجتماعي، وتحويل الولاء من الوطن إلى "السلالة".
أما الشرعية، فبدل أن تكون مظلة جامعة، فقد أصبحت أداة للابتزاز، وورقة في يد الانتهازيين الذين يختارون الولاء للمليشيا مقابل مصالح ضيقة، أو طموحات سلطوية رخيصة.
و 
المؤلم أن هذا الشرخ طال مؤسسات الدولة، من مجلس القيادة، إلى البرلمان، إلى الأحزاب والمنظمات. 
وكأن الخيانة أصبحت وجها آخر من وجوه اللعبة السياسية القذرة.
على إن تاريخ اليمن مليء بالصراعات، لكن ما يحدث اليوم يتجاوز السياسة.
أي إنه انقسام عمودي داخل الوعي الوطني، يهدد كيان الدولة، ويستهدف الإنسان في صميم علاقاته الأسرية والاجتماعية.
ولذا، فإن إعادة بناء اليمن تبدأ بإعادة بناء الوعي، لا فقط الجبهات. فالمهزوم فكريا، لن ينتصر عسكريا.
وإذا كان توحيد الصف الحزبي الجمهوري ضرورة وطنية، فإن ترميم الأسرة اليمنية بات ضرورة أخلاقية وإنسانية. 
فلا سلام بدون وحدة، ولا وحدة بدون تضامن. 
كما لا وطن بلا وعي، ولا وعي بلا تخل عن الأوهام.!
و
 أيها اليمنيون، من الأحزاب إلى الأسر، عودوا إلى رشدكم قبل أن لا تجدوا وطنا تعودون اليه .
ثم ماذا يعني أن تكون "مؤتمريا، إصلاحيا، اشتراكيا، جمهوريا" في آن؟
..أن تحمل شارات الجمهورية، وتلعن "الولاية"، ثم تهادنها في السر!
وأن تتشدق بالدولة، ثم تغازل من يفجرها بالألغام الطائفية.
كما أن تعادي الإمامة لفظا، وتخدم مشروعها فعلا، دون أن ترتجف كرامتك!
أما البيت الجمهوري، فقد صار هشا، لأنكم تركتم نوافذه مشرعة لرياح الانقسام، تركتوه فريسة للفتنة شمالا، والخذلان جنوبا، حتى تفجر بالشرخ.
شرخٌ ليس بين السقوف والجدران، بل بين القلوب والعقول.
لذلك:
أيها اليمانيون، كفى بعثرة وهوانا..
فالوطن لا يُبنى بالتحزب الأعمى، ولا بالمواقف الرمادية، بل بوحدة صلبة، كأنها سيف..
وسيف إذا لم يُشهر للحق، استُعمل ضدكم.!
اتحدوا.. قبل أن يُكتب على جبين اليمن: "كان وطنا."