محرج جدا من الملكة اليزابيث !

كنت شاباً فتياً سنة 2003 عندما فزت بجائزة النص المسرحي في مسابقة جائزة العفيف الثقافية وحصلت حينها على مكافأة مالية قدرها شيك بمائة ألف ريال حوّلتني في يوم وليلة إلى واحد من كبار رجال المال والأعمال في العالم

وكان العالم كله مزنوق ايامها والمجتمع الدولي بأكمله طفران ويخبط القملة بصميل

وبينما كنت أسير على أقدامي في الشارع القريب من بيتنا في الحارة باتجاهي الى البنك لاستلام الشيك ، وانا افكر بعشرين مشروع سأقوم به قبل ان تقرح علي الزلط ، شافني واحد من جيراني وقال لي ساخراً:

- هيا ماهو يافكري ، معك مائة ألف وتمشي رجل؟!

قلت سأركب «دباب» نقل عمومي. وشافني أحد الجيران الآخرين وأنا ادخل الى بطن الباص وقال لي مستهجناً:

- معك مائة ألف وتركب من الفرزة؟! دلع نفسك حتى يوم ياضاك ، آخرتها إلى الطين.

نزلت من فوق الباص وقلت شادلع نفسي واركب سيارة «أنجيز»

وبمجرد أن فتحت باب التاكس الذي أوقفته، شافني واحد من الأصحاب وصاح ينبهني بوجوده وهو يقول:

- والله تطورت الإبل، وماعد يركبوا إلا انجيز

ووصلت البنك يومها واستلمت الشيك وانا محتار ومش داري ايش اعمل بالمائة الالف.

وبينما كنت واقفا اطالع عناوين الصحف في احد الاكشاك في شارع جمال بتعز ، شفت في صحيفة «الحياة» اللندنية يومها خبرا يقول بأن الملكة إليزابيت بشحمها ولحمها تعاني من نقص شديد في السيولة المالية الخاصة بإقامة احتفالات عيد ميلادها السبعين!

وبدأت افكر جديا بأن اقرض الملكة اليزابيث مبلغ المائة الف الريال واتخارج من كثرة الاحراجات وطلبات الديون المحلية التي انهالت علي كالسيل يومها

وكنت متحمس جدا للقيام بتلك المهمة عشان افرح الملكة بعيد ميلادها 

واكيد ان الملكة كانت ستتجمل مني كثيرا ، وكانت ، وبكل تأكيد، ستدعوني لحضور احتفالية عيد ميلادها ، وكنت سأبدوا بين المعازيم يومها واحدا من كبار الضيوف الذين سيحضون بالرعاية الكاملة وبالاهتمام الخاص

ولربما أن الملكة اليزابيث كانت ستضاعف من اهتمامها بي ، وستصر علي أن أرافقها في جولة الـ30 دقيقة التي يفترض ان تقوم بها من قصر بيكنغهام إلى كاتدرائية سانت بول على ظهر العربة الملكية المرصعة بالذهب، والتي سيجرها بحسب البروتكول الملكي ثمانية خيول .

وكنت من بعد ذلك سأرافقها إلى قلعة " دندسور" حيث الإحتفال البهيج والموسيقى، وزحمة الضيوف.

وهناك طبعا كانت الملكة ستقدمني الى كبار ضيوفها باعتباري شخص مش بسيط ، وكنت سأستمع حينها الى همس المعجبات ، ومش بعيد انني كنت سأسحب البساط من تحت الأمير وليام حفيد الملكة.

وكانت الملكة اليزابيث ستطلب مني ان اعتلي منصة الخطابة والقى على الضيوف كلمة بالمناسبة

و كنت سافعل ذلك ، و سأبدأ كلمتي العصماء بالصلاة والسلام على النبي الكريم. ومن ثم سأؤكد للعائلة المالكة دعمي المستمر وإيماني بالشراكة، وسأطمئن الملكة على اية حال بانني لن اطلب اي ارباح نظير السلفة التي قدمتها لها .

وكانت سترتاح لكلامي ، و كان ممكن ان تتحسن معي الحظوظ حينها واجد الملكة متجملة مني للطرف ومصممة وبراسها الف سيف مابلا والا والا اتزوج احدى بناتها ، وكنت سأصبح من بعدها أنا والأمير تشارلز أنساب.

وكان كل شيء سيذهب في صالحي ،لكن من يخلي لك حالك؟ 

فبعد يومين فقط من استلام الشيك ، كانت كل المقومات الإقتصادية لكل أصدقائي ومعاريفي المقربين قد انهارت 

وكلهم كانوا في ايامها بحاجة ماسة الى المساعدة والاسناد

واما عاقل الحارة الله يحفظة عاده كضااااك 

فقد اتصل بي يهنئني بالجائزة ويبشرني بأن المطر خرب نص بيوت الحارة

وقال لي بالحرف الواحد أن منظمة الإغاثة الدولية قد تكرمت وستدفع نصف المبلغ المطلوب لاصلاح وترميم البيوت اللي خربها السيل 

واضاف بانهم لايزالون يبحثون عن فاعل خير ميسوريدفع النصف الثاني 

ايواااااه يدفع النص الثاني 

وايامها طبعا كنت انا اغنى واحد في الحارة ، وانا الميسور الوحيد اللي معه مائة الف ريال

وما خبيش عليكم، أنني من كل ذلك المبلغ دلعت نفسي بثلاث تخزينات قات ضخمة، واشتريت لوالدتي تنور موفى غاز، واما بقية المبلغ فقد قرح جو ..

ولو كنت شاطر ما كنت فرطت بفرصة اسناد الملكة اليزابيث 

او على الاقل كنت شاخلي امي تشغل التنور الغاز وتعمل للملكة مخمدة ملوج على الاقل مجابرة لعيد ميلادها السبعين

ولو كنت فعلت ذلك فاتنا الان واحدا من افراد الاسرة المالكة 

لكن المدبر مدبر 

وانا بصراحة وبكل صراحة محرج جدا جدا من الملكة اليزابيث .

ومحرج من نفسي لأنني منحوس من يومها.