استعراض الصين لقوتها وتيه العرب!!
قبل أيام، أحيت الصين ذكرى انتصارها على اليابان في الحرب العالمية الثانية. جاء الاحتفال فرصة لعرض مظاهر قوتها العسكرية والتكنولوجية، بما في ذلك الروبوتات المتقدمة التي أصبحت جزءاً أساسياً من استراتيجياتها الدفاعية والهجومية.
المشهد كان رسالة واضحة للعالم: نحن هنا ندخل المستقبل مسلحين بالآلة والمعرفة.
لكن مقارنة هذا المشهد مع واقعنا العربي لا تخلو من مرارة؛ فمنذ منتصف القرن الماضي، لم تقدّم الأمة العربية مشروعاً حضارياً حقيقياً يمكن أن نفخر به، باستثناء تجربة الوحدة اليمنية.
أما ما تبقى من تاريخنا الحديث فامتلأ بهزائم، وانقلابات، وحروب مليشيات، وكوارث اقتصادية واجتماعية أنهكت شعوبنا وأزمات متكررة جعلت نصف العرب يريدون الهروب من المنطقة عبر البحار الى عند الفرنجة على قولتهم.
الأدهى من ذلك أننا نعيش في فوضى تُمجَّد فيها الرموز اليوم وتُلعن غداً الى سابع جد، نحتفي بشخص أو قائد في الصباح في خارج بيوتنا ، ثم نسبّه في المساء ونلعن اليوم الذي ظهر فيها، وكأننا ندور في حلقة مفرغة من العبث وفقدان البوصلة.
في أماكن أخرى من الكوكب، تتسابق الأمم نحو حقبة الذكاء الاصطناعي الفائق، تضخ مليارات الدولارات في الأبحاث والتطوير، واضعة نصب أعينها السيطرة على المستقبل.
هذه التقنية، التي يتوقع أن تصبح حقيقة واقعة خلال عقد من الزمن – وربما أقل – لا تنمو بخطوط مستقيمة، بل بمنحنى متسارع يتضاعف أثره مع كل قفزة جديدة.
وحين تصل شركة أو دولة إلى امتلاك هذا الذكاء الفائق وأدواته، فإنها لن تسيطر فقط على الأسواق والإنتاج، بل على تفاصيل حياة البشر كلها:
اقتصادات الدول، سياساتها، وحتى خيارات شعوبها. عندها سنجد أنفسنا، نحن العرب، في موقع البائع المرهق؛ نبيع ما نملك من موارد ليُسمح لنا فقط بالبقاء على الهامش.
ومختصر الامر، في مثل هذا العالم الجديد، لن تجدي الحشود ولا المهرجانات ولا ليالي الغناء، ولن يكون للجيوش القديمة أو المليشيات أي معنى لا سيما وأننا عاجزون عن زراعة قوتنا وإنتاج غذائنا.
فالحروب القادمة لن تُحسم في الميدان، بل في الخوارزميات ومختبرات البيانات.
ستكون حروب آلات فائقة الذكاء، تتسلح بالروبوتات، والأسلحة الدقيقة، وشبكات اتصالات متطورة، وقادرة على تحليل سلوك البشر والتنبؤ بخطواتهم وتفكيرهم وحياتهم، بما يجعل الفارق بين مشاريع غيرنا ومشاريعنا شاسعاً إلى حد لا يمكن تخيله.