Logo

اليمنيون يجلدون بعضهم والوطن يسقط في مستنقع الكراهية

 في بلد أنهكته الحرب ولم تبق فيه شيئا على حاله، يعيش اليمني حالة من التوهان الكامل، لم تعد المعاناة تقتصر على انقطاع الرواتب وانهيار الاقتصاد وانعدام الأمن، بل تسللت إلى وجدان الإنسان اليمني نفسه، فمزقته على جبهتين: الداخل والخارج..

من في الداخل ينظر إلى المغترب نظرة الحقد المكبوت، كمن يلومه لأنه نجا، “تركنا وحدنا نتعفن في هذا الجحيم”، يقولها من طحنته الميليشيات وتجار الحروب والمجاعة، دون أن يدرك أن الخارج ليس بالضرورة جنة، بل سجن آخر، لكنه فقط مختلف..

أما الذي في الخارج، فتجده لا يقل احتقانا يحمل الداخل مسؤولية الركوع، يسأل، “لماذا لا تنتفضون؟ 

لماذا لا ترفضون كل هذا القبح؟ كيف سمحتم للميليشيات أن تحكمكم؟ وكأن الخارج يمتلك عصا سحرية يرى بها الحلول التي لا يراها من داخل الزنزانة..

غاب التكامل. ضاعت الأدوار، لم يتحول الخارج إلى غطاء سياسي يعري الميليشيات أمام المجتمع الدولي، ولم يتحول الداخل إلى ضغط شعبي يزعزع عروش أمراء الحرب، كل طرف غارق في جلد الآخر، في حين يغرق الوطن في مستنقع أعمق..

الوعي الجمعي غائب أو مغيب، فتركنا الميدان للميليشيات، لتجار الدم، لمقاولي الحرب الذين أحالوا آمال الناس إلى رماد، تحكمنا قوى لا تفهم من السياسة إلا لغة السلاح، ولا ترى في المواطن إلا خزان وقود لمعركة لا تنتهي..

لا أحد يستفيد، لا من في الداخل ولا في الخارج، كلاهما يتآكل، كل بطريقته، الداخل يموت ببطء، والخارج يذبل بالغربة والخذلان، اليمني صار عدوا لليمني، ووسط هذا الخراب، تبقى المليشيات هي الرابح الوحيد..

ما لم يدرك الجميع — دون استثناء — أن لا خلاص إلا بتكامل الأدوار وتوحيد الصوت والهدف، فإن القادم سيكون أشد سوادا، وسيُكتب في التاريخ أن اليمن لم يسقط بفعل العدوان فقط، بل بفعل أبنائه أيضا..