Logo

هشاشة السلاح وسفالة اللسان: عن نفسية أنصار المليشيات في اليمن

من يراقب ردود أفعال أنصار الحوثي والمجلس الانتقالي الجنوبي تجاه أي كتابة تتناول عبثهم، يجد نفسه أمام حالة نفسية واجتماعية شاذة تستحق الدراسة، ما إن تنتقد تعطيلهم لمؤسسات الدولة، أو نهبهم للموارد، أو تحولهم إلى أدوات للفوضى الإقليمية، حتى ينفجر سيل من الشتائم والانحطاط اللفظي، كأنهم لم يربوا في بيوت، أو كأن النقاش بالنسبة لهم إعلان حرب شخصية تستدعي الرد القذر..
لكن ما الذي يجعل هؤلاء يواجهون الحجة بالشتيمة؟ ولماذا يتعاملون مع أي حديث عن الوطن الكبير وكأنه تهديد وجودي؟ ولماذا يتمسكون بالمشاريع الصغيرة وكأنهم يهربون من واقع أوسع لا يتحملونه؟.
الإجابة ببساطة: نفسية مريضة، ضامرة، وتافهة، لا تعرف من الوطنية إلا قشورها، ومن الدولة إلا الشعارات، ومن الرجولة إلا السلاح والسب..
اللسان البذيء كتعويض عن الهشاشة
عندما يفتقر الإنسان للحجة، يلجأ إلى الشتيمة، وعندما يشعر بالضعف، يختبئ خلف لغة البذاءة، وهذا بالضبط ما يفعله أنصار المليشيات، يدركون جيدا، في قرارة أنفسهم، أن مشاريعهم قائمة على الكذب والسلاح والتمويل الخارجي، لا على الشرعية الشعبية ولا على أي مبدأ وطني، لذلك، حين يجدون أنفسهم أمام ناقد يفضح عوراتهم، لا يملكون سوى اللسان السوقي الذي يكشف مدى انحطاطهم الأخلاقي والنفسي..
هذا السلوك لا ينبع فقط من الغضب، بل من شعور دفين بالدونية والضعف، يجري تعويضه عبر الاعتداء اللفظي، تماما كما يفعل الجبان حين يصرخ في الظلام حتى يقنع نفسه أنه قوي..
لماذا يكرهون اليمن الكبير؟
الحوثي يكره اليمن الجمهوري لأنه يهدد خرافته السلالية، والانتقالي يكرهه لأنه يفضح كذبة “الجنوب المغتصب” التي طالما تاجر بها، أنصار الطرفين لا يرون في اليمن وطنا، بل عبئا يعيق مشاريعهم الصغيرة، ولذلك يعادون كل من يتحدث عن دولة جامعة، أو يكتب عن وحدة المؤسسات، أو يدعو لحوار وطني شامل..
العداء للوطن الكبير ناتج عن عقلية قزمة، لا تتحمل فكرة التنوع، ولا تؤمن إلا بالمركزية الطائفية أو المناطقية، إنها عقلية عاجزة عن إنتاج وطن، فتلجأ إلى تمزيقه، ثم تلوم الضحية..
سيكولوجيا القطيع: لماذا يدافعون عن مشاريعهم التافهة؟
الانتماء للمليشيا ليس بالضرورة انتماء فكريا أو سياسيا، بل هو في الغالب حاجة نفسية للشعور بالقوة والانتماء، خاصة لدى الفاشلين في حياتهم، أو المهمشين اجتماعيا، أو أولئك الذين لم يجدوا لأنفسهم مكانا في مجتمع طبيعي، في المليشيا، يصبح البلطجي قائدا، والحاقد ناشطًا، والجاهل محللا سياسيا..
لهذا تراهم يدافعون عن مشروعهم كما يدافع طفل عن لعبته الوحيدة، يقدسون قياداتهم، حتى وإن كانت مجرد عصابات، لأنهم يعتقدون أن بقاءهم مرتبط ببقاء تلك المنظومة المريضة..
إنهم ضحايا وهم القوة، الذين لا يفهمون من الدولة سوى مشاهد السلاح، ولا من الكرامة سوى القدرة على شتم الآخر..
في النهاية: لا تبني الأوطان بالعاهات النفسية
ما يجري في اليمن اليوم هو اختطاف كامل للوطن من قبل جماعات تافهة، تقودها شخصيات مشوهة نفسيا، وتدافع عنها جموع مهووسة بالقوة، فاقدة للهوية الوطنية، لا ترى في الوطن إلا فرصة للنهب أو ساحة للصراع أو وسيلة لتفريغ عقدها الدفينة..
أمام هذا الواقع، فإن النقد لا يجب أن يهادن، ولا أن يخجل من تسمية الأشياء بأسمائها:
 • الحوثي مشروع كهنوتي يعيش على الكذب والسلاح.
 • الانتقالي عصابة مناطقية تمارس الابتزاز السياسي.
 • وأتباع الطرفين، في معظمهم، حالة اجتماعية مضطربة، لا علاقة لها ببناء الدول، بل بهدمها..
الوطن لا يبنى بمن يرى الشتيمة شجاعة، ولا بمن يظن أن البندقية تساوي الشرعية، الأوطان تبنى بالعقول النقية، لا بالألسن القذرة!.