الثورة وطن وليست صورة
في خضمّ الجدل السياسيّ المستعر على منصات التواصل الاجتماعي تبرز ظاهرة مؤلمة ومخيبة للآمال تتمثل في استخدام العلم اليمنيّ رمز سيادتنا وكرامتنا كأداة للمناكفات والمزايدات
حيث نشاهد صورًا تملأ مواقع التواصل ومنصات الإجتماعي لأشخاص يتفاخرون بارتداء العلم وكأنّ مجرد هذه الصورة تكفيهم لإثبات وطنيتهم
لكنّ الحقيقة أعمق وأكثر مرارة فكثير من هؤلاء لا يمثّلون سوى مصالحهم الحزبية الضيقة التي غالبًا ما تكون على حساب الوطن والمواطن.
إنّ الاحتفال بالثورة اليمنية ليس مجرد مناسبة لإبراز صور أو تبادل شعارات فارغة والثورة ليست قماشًا ملونًا نرتديه بل هي مبادئ وأهداف عظيمة يجب أن تتجسد في حياتنا وسلوكنا
لإنّ جوهر الثورة هو الدعوة إلى التعايش السلمي وحماية الوطن من كلّ ما يهدد وحدته واستقراره ونبذ كلّ أشكال التبعية للخارج والثورة الحقيقية هي تلك التي تدعونا لنكون يدًا واحدة لا فئوية أو طائفية.
من المدهش أن نرى من يتبجّحون بالوطنية ويرفعون العلم وهم يعيشون في بلدان عملت على تدمير اليمن وتفكيكه هؤلاء الذين تركوا شعبهم يعاني الويلات في الداخل وغادروا البلاد ليعيشوا في رفاهية
بينما يكابد اليمنيون شظف العيش والحرمان فالوطنية ليست شعارًا يُرفع من الخارج بل هي فعل وتضحية تُقدّم على أرض الوطن.
إنّ من خان الأمانة وباع مصالح الوطن لا يمكن أن يكون حاملًا لرايته، مهما تزيّن بها وقد حان الوقت لندرك أن الوطن يتسع للجميع والوطن لا يميز بين أبنائه على أساس انتماءاتهم الحزبية أو مناطقهم
فالخلاص الحقيقي يكمن في الدعوة إلى نبذ المكايدات السياسية التي لا تجني سوى مزيد من التفرقة والخصام ويجب أن نعود إلى الثوابت التي تجمعنا وفي مقدمتها الولاء الوطني الذي لا يساوم ولا يُباع.
الثورة الحقيقية لم تأتِ لتقسمنا بل لتجمعنا فلنجعل من هذه المبادئ منارةً لنا ولنجسّدها في تعايشنا وتسامحنا وفي حماية وطننا من كلّ الأعداء في الداخل والخارج
لان الوطن هو بيتنا الأكبر ولن يُبنى إلا بأيدي أبنائه المخلصين الذين يؤمنون بأنّ الانتماء الحقيقي هو للوطن أولًا وأخيرًا وليس مجرد صورة بالعلم .. فهل وصلت الرسالة؟؟؟..