Logo

الحوثيون بين مصير الحلفاء وخيار المصالحة

 تشهد المنطقة تحولات عميقة لم تعد خافية على أحد فقد تعرض حزب الله لضربات موجعة وسقط النظام في سوريا بعد سنوات من الحرب  

 وتعرضت إيران لهجمات مباشرة طالت بنيتها ومكانتها  

 هذه المؤشرات جميعها تعكس أن هناك ترتيبات جديدة يعاد صياغتها في الإقليم وأن الأطراف التي لا تستجيب للواقع قد تجد نفسها في مواجهة سيناريوهات أكثر قسوة من الذين سبقوها 

جماعة الحوثي ما زالت متمسكة بخطاب شعاراتي يرفع عناوين كبرى لكنه لا يترجم إلى خطوات عملية على الأرض   

استمرار هذا النهج لا يقود إلا إلى عزلة داخلية وخارجية أكبر فالشعارات مهما كانت بليغة لا تصنع اعترافا دوليا ولا تفتح مطارات مغلقة ولا تعالج اقتصادا منهارا ولا تضع حدا لمعاناة الناس اليومية 

التذمر الشعبي يتصاعد بشكل متسارع داخل الحاضنة الاجتماعية للجماعة حيث بدأت شرائح واسعة تشعر بالاختناق وبالذات من الهاشميين الذين يعيشون مخاوف حقيقية من موجات الغضب الشعبي  

 بعض الأصوات باتت تتحدث علنا عن احتمالات انتقامية خطيرة هذا المناخ يعكس أن الوضع الداخلي للجماعة لم يعد مستقرا كما كان وأن الغضب الشعبي قد يتحول إلى انفجار يصعب السيطرة عليه 

وإذا قارنا وضع الحوثيين اليوم بوضع حلفائهم في المحور نجد أن حزب الله الذي كان يوصَف بالقوة الصلبة بات منهكا ومعرضا للانهيار  

 والنظام السوري الذي رفع شعار الصمود انتهى إلى تشظ وخراب أما إيران التي شكلت مركز ثقل المحور فهي تواجه عزلة وضغوطا غير مسبوقة  

 فإذا كان هؤلاء الكبار قد وصلوا إلى هذه المرحلة فكيف سيكون حال جماعة محاصرة بلا اعتراف خارجي ولا منفذ اقتصادي وحياة شعبها في مأساة  

الخيار المتبقي أمام الجماعة ليس المزيد من الصراع بل الانفتاح على حوار جاد مع القوى السياسية الوطنية ومع دول الإقليم ومع القوى الكبرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة  

 فالمعادلة لم تعد بين نصر وهزيمة بل بين الحد الأدنى من البقاء أو الانهيار الكامل والانفتاح على الحوار أصبح ضرورة وجودية لا خيارا سياسيا 

إن المصالحة الوطنية هي المخرج الوحيد من هذا النفق فهي التي يمكن أن تنهي الحرب وتعيد للدولة حضورها وتفتح الأبواب أمام اليمنيين لحياة كريمة  

 هذا الطريق يتطلب شجاعة في اتخاذ القرار وتغليب مصلحة الشعب على الحسابات الأيديولوجية والعسكرية وهو وحده ما يمكن أن يحمي الجماعة والبلاد من مصير أسوأ من مصائر الحلفاء الذين سبقوهم. 

* سفير بوزارة الخارجية