Logo

الإخوان في اليمن دولة داخل الدولة ووعيٌ تحت السيطرة

 لم يعد نفوذ حزب الإصلاح الإخواني في اليمن مقتصرًا على مواقع السلطة أو القرار الإداري بل تحوّل إلى مشروع هيمنة ناعمة يتغلغل في تفاصيل الحياة العامة من خلال أدوات الإعلام والتواصل الاجتماعي والمجتمع المدني فيبدو حضوره متعدد الوجوه. .

 لكنه يصب في مسار واحد هو تكريس السيطرة باسم الشرعية وبعنوان الدفاع عن الثورة والجمهورية بينما جوهره الحقيقي إعادة إنتاج سلطة التنظيم في شكل جديد. .

هذا التحول لم يكن صدفة بل ثمرة تخطيط طويل استخدم فيه الحزب كل الوسائط المتاحة من مؤسسات الدولة إلى المنصات الإعلامية إلى شبكات العلاقات الشخصية مع القيادات السياسية والدينية. .

 فاستطاع أن يخلق بيئة نفسية تجعل المواطن يرى الإصلاح حاضرًا في كل شيء وممسكًا بخيوط السياسة والدين والإعلام والمال من دون أن يبدو ظاهرًا كسلطة مطلقة بل كقوة موجهة تتحرك من وراء الستار. .

وفي المشهد الإعلامي نجح الإخوان في إعادة تعريف مفهوم الإعلام الوطني ليصبح الإعلام الذي يتحدث بلسانهم ويعبر عن رؤيتهم وحدهم. .

 فغابت التعددية وتلاشت الأصوات المستقلة تحت ضغط الحملات المنظمة والمقاطعات الرقمية والتشويه المتعمد وباتت المنصات الحديثة مثل المساحات الصوتية والبودكاست أداة لتكرار خطاب واحد بلغة جديدة تعتمد على الإقناع العاطفي لا على الحجة العقلية. .

ومع توسع هذا النفوذ بدأ الحزب يمد جسوره إلى الخارج عبر واجهات أكاديمية ومراكز بحثية وقنوات تحمل أسماء براقة لكنها تعمل لخدمة مشروعه السياسي الإقليمي مستفيدًا من الدعم الفكري والمالي لشبكات الإخوان في المنطقة. .

 وبذلك تحوّل من حزب محلي محدود التأثير إلى ذراع ضمن شبكة أوسع تتحرك بخفة داخل المشهد العربي والإسلامي تحت شعار الإصلاح والتنوير. .

إن الخطر في هذه الهيمنة لا يكمن فقط في امتلاك أدوات السلطة أو المنصات الإعلامية بل في القدرة على تشكيل وعي الأجيال الجديدة وصياغة الصورة الذهنية لما هو وطني وما هو خائن. .

 فحين يحتكر طرف واحد تعريف الحقيقة والمعنى تتلاشى إمكانية الحوار وتضعف فرص المصالحة ويصبح الوطن مجرد مساحة صراع بين رواية واحدة لا تقبل المراجعة وأصوات كثيرة أُجبرت على الصمت. 

 * سفير بوزارة الخارجية