رجال الصدفة

لمحت اليوم خبراً في منصة  "الفيس بوك"   عن قرار تعيين ملحق إعلامي في فرنسا وإنشاء ملحقيه إعلامية في فرنسا بنفس الوقت الذي يعين فيه سكرتيراً جديداً في الخارجية اليمنية وذلك كله يندرج تحت  القاعدة المعروفة  ( هذه بتلك )   وبدلا من البحث عن سبل تذليل الصعوبات للمواطن اليمني أو علي الأقل حفظ كرامة هذا المواطن  الذي تهان في مطارات العالم كل يوم من الشقيق والقريب والبعيد بدلا من كل ذلك  يستمر استنزاف موارد الدولة الشحيحة وتقسيمها بين الأقارب والأصدقاء والأحزاب في إصرار عجيب على الفشل الأخلاقي والإداري المتمثل في هذه الممارسات المنحطة  وبالرغم مما شهدناه من تراشقات

في الأيام القليلة الماضية وفي مطلع هذا الأسبوع بين  رجالات العمل السياسي الغائبة في المواقف الحاضرة في المغانم  حيث اطلوا علينا  بربطات عنق جميلة وتحدثوا  في كل المواضيع التي تهم الوطن واضطروا  للكشف عن مواقفهم الشجاعة وذودهم عن حياض الوطن وبالرغم مما  شهدتة مواقع التواصل الاجتماعي لا سيما منصة الفيس بوك من سجالات  شرسة من اجل الحصول أو التبرير للحصول علي موقع وظيفي وبالرغم مما  أحدثته  إقالة  احد الوزراء لابنه من منصبه الذي عينه فيه  بالرغم من كل هذا الغضب المجتمعي   الذي يغلي في النفوس  إلا أن هؤلاء  الذين تصدروا المشهد منذ عام 2011  وبأدائهم الهزيل  المتردي الذي هو جزء أصيل من المشكلة  اليمنية  يتمتعون بوقاحة أخلاقية تفوق الوصف فهم لا يرعون ولا يخجلون ويوما بعد يوم يثبتون لنا فشلهم وعجزهم وكل يوم يثبتون أنهم سببا مهما فيما وصلنا إليه .

لكل فترة  وطنية رجالاتها إلا في وطننا الحبيب حيث أن الرجال  لكل المراحل رغم تغير الظروف والاحتياجات الوطنية ورغم ما يظهر من عجز وفشل إداري وسياسي ورغم كل ما يثار عن التجاوزات ومع ذلك إن تم تغيير هنا أو هناك تري الغضب والعتب وترى تبادل الاتهامات بين الفر قاء في العمل السياسي ويبدا نشر الغسيل القذر ويتحول الجميع الي معارضين ومحترفي نقد وكل هذا لا يمت للوطن ولا المصلحة الوطنية بعلاقة لا من قريب او بعيد وكم هو مؤلم ومحبط أن تعقد مقارنة بين رجال الأمس في ساحة النضال الوطني اليمني  ورجال اليوم الذين  يمكن ان نسميهم برجال الصدفة ( مع كل الاحترام لكل الرجال الحقيقيين في الميدان وفي المعترك السياسي )  كم هي  المسافة بعيدة جدا بين هؤلاء وأولئك  الرجال الرجال ..

أولئك الرجال كانوا يركبون الخطوب ويتصدرون الساحة الوطنية  في الملمات عبر رحلة مضنية من التضحيات وطريق أشواك  طويل بقليل من الكلام وكثير من الأفعال لذا  فما زالت أسمائهم محفورة في وجداننا علي مختلف مشاربهم السياسية وهم تحت التراب وذلك لأنهم   أحبو الوطن واخلصوا له فأحبهم الوطن والشعب .

لا ريب  انه مع كل هذا الفساد والإفساد الذي تم ممارسته إبان فتره النظام السابق تم  تجريف مفهوم رجالات الدولة فبدلا من أن تصنع المواقف العظيمة الرجال وتقدمهم قادة ومناضلين باتت تغريده  في مواقع التواصل الاجتماعي قادرة علي  ولادة  رجل دولة تقوم له الدنيا ولا تقعد باتت ربطة عنق جميلة وإطلالة مميزة مع سقف مرتفع من التصريحات لا سيما مع وجود مجموعة نخبوية سياسية  أو عائلية مساندة  قادرة علي صناعة رجالات من الصف الأول يتصدرون المشهد السياسي اليمني  وكل هذا في نهاية المطاف  يزيد الوضع سوءا ويساهم في تعقيد المشكلة اليمنية وأقولها بكل مرارة وصدق دون تجميل  لقد أصبحنا ندفع فاتورة كل هذا التجريف  باغلا  واعز ما يمتلكه الوطن وهو السيادة والكرامة الوطنية  والتي تبعثر كل يوم في مطارات العالم .

لا اعتقد أن مصير الوطن سيحسم وأمثال   هؤلاء في الواجهة  حتى وان حصلت معجزة  و قبل بذلك الفر قاء  في الداخل  فهؤلاء لا ينتجون شيئا سوى الضجيج ولا يجيدون سوى اقتناص  وظائف الدولة وكم نتمنى أن تقوم القيادة السياسية للشرعية بواجبها تجاه الوطن فتتخذ  خطوات جادة وقرارات  إقالة شجاعة تستطيع من خلالها أن تعيد التوازن  لكيان الدولة المهترا و يكون عنوان هذا التوازن هو احترام البناء المؤسسي للدولة  .

علي الجميع ضمن مؤسسات الدولة الشرعية الموجودين في الخارج أن يدرك أن المنصب وخصوصاً في هذه الأيام مغرما وليس مغنما عليهم أن يكفوا عن تعيينات أقاربهم وأبنائهم ومنتسبي أحزابهم تحت ذرائع تافهة ورخيصة لا تنطلي علي احد  وان يؤمنوا بان العمل المؤسسي لا يحتمل كل هذه المسميات وان المعيار هو الكفائه والبناء المؤسسي للدولة .

 في الأخير أود أن أوجه نصيحة لكل  رجل من رجالات الدولة بصفته كمسئول يمني في الشرعية  وهي  أن الشعب اليمني والذي يقدم كل يوم التضحيات الجسام في الأرواح والممتلكات  لن يقبل بك مطلقا وأنت تسخر الوظيفة العامة من اجل أقاربك أو أبنائك  وان سكت قليلا فلن يستمر هذا السكوت كما أن العالم بات قرية صغيرة  وكل التعيينات والقرارات التي تصدر تتسرب لحظة إمضائها و إن لم يردعك ضميرك ولا إنسانيتك  عن هذه الممارسات في هذه المرحلة الوطنية الحرجة فلتخشى ردة الفعل القاسية من شعبنا الحر الأبي إن آجلا أو عاجلا  والعاقل من اتعظ بغيره .

رحم الله رجال اليمن الشرفاء  أبطال ثوره السادس والعشرين من سبتمبر المجيدة  وثورة الرابع عشر من أكتوبر الخالدة  ورحم الله شهداء الجمهورية الثانية الذين قضوا اليوم على درب من سبقهم من الأحرار الشرفاء ولا نامت أعين الجبناء .