الاعتقال بالاسم في اليمن منزلق خطير يهدد النسيج الوطني
في ظل ما تعيشه اليمن من انهيار مؤسسي وتنازع سلطات تأتي حادثة اختطاف الطيار محمد المتوكل من مطار عدن الواقع تحت سلطة المجلس الانتقالي لتدق ناقوس الخطر حول ظاهرة آخذة في التوسع تتمثل في الاعتقال على الهوية أو الاسم أو الانتماء الجهوي والمناطقي أو حتى العائلي ..
هذه الواقعة الخطيرة تكشف عن غياب سلطة القانون وهيمنة منطق العصابة والانتقام الأمر الذي ينذر بتحول اليمن إلى ساحة مفتوحة لاعتقالات عشوائية تغيب عنها المعايير الحقوقية والقضائية.
إن ما جرى للطيار المتوكل لا يهدد فردا بعينه بل يبعث برسالة بالغة الخطورة لكل اليمنيين أن لا أحد في مأمن من التعسف وأن الأسماء والانتماءات باتت تهمة كافية للاعتقال..
وهذه رسالة تقوض أبسط أسس المواطنة وحقوق الإنسان وتحول المطارات التي يفترض أن تكون ممرات آمنة إلى كمائن سياسية وأمنية تهدد حياة الناس وكرامتهم..
فما حدث ليس مجرد انتهاك فردي بل هو مؤشر على حالة الانفلات والفوضى القانونية في مناطق خاضعة لسلطات أمر واقع..
الاستمرار في مثل هذه السياسات من شأنه أن يعمق الشرخ بين مكونات المجتمع اليمني ويغذي ثقافة الكراهية والانتقام والثأر بدلا من العدالة والمصالحة..
كما سيسهم في تدمير ما تبقى من الثقة بالمؤسسات الرسمية وشبه الرسمية ويزيد من عزل اليمنيين عن بعضهم البعض ويخلق بيئة مثالية للتعبئة الطائفية والمناطقية بما يضعف إمكانية التعايش ويعرقل أي مشروع وطني جامع.
وما لم تتحرك القوى الوطنية والنخب الحقوقية والاجتماعية للوقوف أمام هذه الانتهاكات فإنها ستتحول إلى سلوك يومي مقبول يمارس دون مساءلة ويعمق من معاناة اليمنيين داخل وطنهم ويشعرهم بالغربة والخوف في كل منطقة خارج مناطقهم الجغرافية أو توجهاتهم السياسية..
وما تعرض له الطيار المتوكل قد يتعرض له غدا أي طبيب أو معلم أو ناشط أو حتى مسافر عادي..
إن الحفاظ على ما تبقى من الروابط الوطنية والعيش المشترك يتطلب وقفة حازمة ضد مثل هذه الظواهر القمعية ورفضا جماعيا لاستخدام الهوية أو الاسم أو الانتماء كذريعة للاعتقال والتصفية.
فالوطن لا يبنى على ثقافة الشك والانتقام بل على سيادة القانون وحماية الحريات والكرامة الإنسانية ويجب أن تعاد للمطارات والمنافذ العامة دورها الطبيعي كمراكز استقبال وتنقل آمنة لا أماكن اختطاف وتصفيات سياسية..
* سفير بوزارة الخارجية