Logo

نميّزهم من وسط الزحام!!

 هذا الجيل يملك من الإمكانات ما لم يخطر في بال الأجيال التي سبقته، غير أن أغلبه أضاع بوصلته بين زحمة الشاشات وضجيج المواقع الاجتماعية. 

بين يديه أدوات معرفية وتقنية مذهلة، ودورات ومصادر لا تُحصى، لكن عقله منشغل بما يستهلكه لا بما يبنيه. 

لو تعوّد القراءة والاطّلاع من الكتب والإنترنت بعين الباحث لا بعين المتفرّج، لاتّسعت مداركه، وازداد وعيًا وابتكارًا وفتحت امامه فرص.  

في قاعات المحاضرات والاختبارات أرى الفرق واضحًا؛ جيلنا كان يدخل بثقة صامتة وإيمان داخليّ بالتفوّق والطموح، 

بينما صار كثير من طلاب اليوم يتركون مصائرهم للصدفة، وإجابات بعضهم تُشبه رسائل "واتساب" عاجلة تختصر الامر وتُميت الفكرة فيخسر ويعطي الانطباع انه مشغول جدًا مش فاضي للدراسة او البرفيسور او الاختبار.  

لذلك أقول: أبعدوا أبناءكم عن الهواتف، واجعلوا الكتاب رفيقهم الأوفى. ولطلاب الجامعة والباحثين أخصّ القول: لا تجعلوا غرف الدردشة والمواقع الافتراضية عالمكم الوحيد، 

فالكتاب وحده يمنح الفكر عمقه، والبحث وحده يصنع التميّز. نحن نرى المتفوّقين بوضوح، نميّزهم من وسط الزحام في قاعات المحاضرات وبين اوراق الاجابات ومشاريع الطلاب. 

وقتها نمدّ لهم جسور الفرص، ونفتح أمامهم أبواب العمل والعروض لأنهم أثبتوا أنّهم يستحقون. 

فكل طالب مجتهد يؤمن بنفسه، لا بد أن تُفتح له الأبواب قبل أن يطرقها. 

لم اجد طالب متفوق في مسيرتي هنا كبرفيسور لم اعرض عليه وظيفة وامكانيات من قبل أن يكمل دراسته وكذلك بقية البرفيسورات.

هنا، حتى الطلاب المتفوّقون في دراستهم ندفعهم إلى العمل منذ السنة الثانية من دراستهم بعقود طلابية تهدف إلى تنمية مهاراتهم وقدراتهم وتأهيلهم لمشاريعهم المستقبلية.

 في كل مشروع نخصص نحو 30 ألف يورو كوظائف جزئية للطلاب والطالبات، بحيث يعمل الطالب لبضع ساعات يكتسب خلالها خبرة عملية في المختبر، وينمّي قدراته وسلوكه المهني، 

ويكسب نحو 500 يورو مقابل أقل من 30 ساعة عمل في الشهر، يوزّعها وفق رغبته وجدوله الدراسي.  

قرار البرفيسور من سوف يوظف من الطلاب يعود الى تفوق الطالب والطالبة وسلوكه في التعامل والمثابرة.

 بمعنى أن الطالب الأجنبي في المانيا ليس مضطرًا للعمل في مخزن أو مطعم أو ورشة ليؤمّن مصاريفه، بل يمكنه أن يتفوّق ويجتهد في دراسته،

 وعندها سيجد فرصة أو فرصتين للعمل لدى البروفيسورات في مجاله، يكسب منها نحو 1000 يورو شهريًا وهو يتعلّم ويتطوّر في الوقت نفسه.ش