الحمدي بين الانجازات والاخطاء

جميل هذا الاحتفاء بالرئيس ابراهيم الحمدي (1974 إلى 1977) كل عام.

فهو يحتل في قلوب اليمنيين نفس المكانة التي يحتلها عبد الناصر في قلوب العرب والمصريين.

لكن المصريين أخيرا قرنوا احتفاءهم بعبد الناصر بمراجعة انجازاته واخطائه معا. فهو بالنسبة لهم "رجل الإنجازات الكبيرة والأخطاء العظيمة".
وكم اتمنى ان يتوازن اليمنيون في رؤيتهم للحمدي ويبتعدوا قليلا عن التقديس إلى مركب أكثر توازنا يرى الأخطاء والانجازات معا.
الحمدي أيضا رجل الإنجازات الكبيرة والأخطاء العظيمة.
وكما يتغنى اليمنيون بانجازاته في تطوير التعاونيات ودورها في تنمية الريف، وبناء الجيش، وتهميش تدخل المشائخفي شؤون الدولة وبسط سيطرة الدولة، والاستقلال النسبي عن الهيمنة السعودية، ومكافحة الفساد وتصحيح الاختلالات المالية.
اتمنى منهم أيضا أن يدرسوا اخطاءه يستفيدوا منها، خاصة تلك الأخطاء التي تسببت في بعض ما نعانيه اليوم.
فالحمدي أخطأ عندما احتكر السلطة كاملة في يده والغى الدستور و مجلس الشعب. وأخطأ عندما وضع بذور توريث السلطة فأخيه عبدالله كان نائبه الفعلي والمرشح للحكم بعده، واقرباءه وانسابه كانوا قد سيطروا على مفاصل الجيش والدولة.
واخطأ الحمدي عندما همش ضباط الجيش الوطنيين ووضع بدلا عنهم ضباطا بلا ثقافة ولا رؤية ظنا منه انه سيحركهم لمصلحته كما يشاء. والحمدي هو من قذف بعلي صالح وعلى محسن والغشمي من هامش الجيش إلى أعلى المناصب، ودفع حياته ثمنا لذلك، ودفع اليمنيون اثمانا مضاعفة.
واخطأ الحمدي عندما أنشأ "المعاهد العلمية" في خليط اخواني-وهابي تسببت لاحقا في شرخ المجتمع اليمني وعرقلة تطوره الثقافي وعلاقته بالعصر.
واخطأ عندما بالغ في دور الأجهزة الأمنية حتى اشتهر عصره بالتنكيل بالمعارضين، وصار اسم "محمد خميس" اسطورة للرعب مثله مثل أساطير الرعب الأخرى كصلاح نصر في مصر، وعبد الحميد السراج في سوريا، واوفقير في المغرب.
نعم... انجز الحمدي الكثير وسيظل محبوبا بسبب انجازاته، لكنه ايضا اخطأ في الكثير.
ولنتعلم من درس التاريخ نحتاج لمعرفة الصورة الكاملة.