مجلس القيادة الرئاسي وتعطيل إصلاح وزارة الخارجية
تحولت وزارة الخارجية اليمنية في السنوات الأخيرة من مؤسسة سيادية تمثل وجه الدولة إلى ساحة لتقاسم النفوذ بين أطراف مجلس القيادة الرئاسي الذي فشل في حماية هيبتها والحفاظ على طابعها المهني والدستوري..
فعوضا عن استكمال الإصلاحات التي بدأها الوزير لإعادة الانضباط إلى السلك الدبلوماسي اتجه المجلس إلى تكريس سياسة الترضيات والعلاقات الخاصة في التعيينات حتى أصبحت المناصب الخارجية وسيلة لتوزيع الولاءات لا لخدمة اليمن..
لقد كان المنتظر من مجلس القيادة أن يكون عنوانا للمرحلة الانتقالية نحو بناء مؤسسات قوية وشفافة لكنه اختار الطريق المعاكس فأبقى الوزارة رهينة للمحسوبيات والتوازنات الشخصية والحزبية..
فأُهملت معايير الكفاءة واستُبعدت الكوادر المؤهلة ليحل محلها من تربطهم بالمجلس علاقات قرابة أو مصالح سياسية أو مناطقية وبذلك تحولت البعثات الدبلوماسية إلى مراكز نفوذ عائلية لا صلة لها بالدور الوطني للدبلوماسية اليمنية..
إن استمرار عشرات السفراء في مواقعهم لأكثر من المدة المحددة مخالفة صريحة لقانون السلك الدبلوماسي والدستور..
ومع ذلك لم يتخذ مجلس القيادة أي إجراء لاستدعائهم أو تقييم أدائهم بل يغض الطرف عن هذه التجاوزات لأنها تخدم توازناته الداخلية ويستمر في تعيين آخرين إرضاء لأطرافه المختلفة ما جعل الوزارة تفقد حيويتها وسمعتها لدى شركاء اليمن الإقليميين والدوليين..
إن تعطيل الإصلاحات في وزارة الخارجية لم يكن مجرد إهمال إداري بل قرار سياسي مقصود يهدف إلى إبقاء المؤسسة رهينة في يد المجلس يستخدمها لتثبيت نفوذه وتوزيع المنافع..
فبينما تتراجع كفاءة البعثات وتعجز عن أداء مهامها يعيش الدبلوماسيون المهنيون حالة إحباط وتهميش غير مسبوقة في تاريخ اليمن الحديث..
إن مجلس القيادة الرئاسي يتحمل المسؤولية الكاملة عن هذا الانحدار الذي أصاب وزارة الخارجية وعن الفشل في استعادة دورها الوطني..
فهو من أوقف الإصلاحات وهو من يحمي الفساد الإداري داخلها والتوريث الوظيفي فيها..
وإذا لم يتحرك لإصلاح ما أفسده سياسيا فسيكون هو نفسه مسؤولا عن انهيار آخر مؤسسة تمثل اليمن في الخارج فالدبلوماسية لا يمكن أن تنهض ما دام القرار محكوما بالمحاصصة لا بالمصلحة الوطنية..
* سفير بوزارة الخارجية