Logo

اليمن عالق بين الحرب والسلام متى يملك اليمنيون قرارهم؟!!

اليمن يقف اليوم على حافة منعطف خطير بين خيار السلام واستمرار الحرب وسط مشهد متشابك تتداخل فيه الحسابات المحلية مع صراعات الأقليم والعالم.

 فبعد سنوات من النزيف لم يعد الصراع محصوراً بين الحوثيين والحكومة الشرعية، بل تمدد ليشمل جبهات جديدة جعلت من اليمن ساحة مفتوحة لتصفية الحسابات الأقليمية، والعسكرية من البحر الاحمر الى تخوم الخليج.

في الداخل يتآكل الأمل بالسلام، كل يوم مع استمرار الانقسام وتضارب الولاءات، الحوثيون يرسخون سلطتهم بقبضة أمنية حديدية في الشمال، بينما تتنازع القوى الأخرى في الجنوب والشرق والغرب على النفوذ والموارد تحت لافتات مختلفة. 

أما الحكومة المعترف بها دولياً فتكافح للبقاء وسط ازمات اقتصادية خانقة، وفقدان السيطرة على القرار الميداني والسياسي ، المواطن اليمني وحده من يدفع الثمن الباهظ في بلد تتراجع فيه الخدمات ويستنزف فيه المجتمع بين جبهات لا تنتهي.

التصعيد الأخير بين الحوثيين وإسرائيل أدخل اليمن في معادلة أكثر تعقيدا، بعد أن لوح رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو بمواصلة ضرب الحوثيين والحد من قدراتهم في البحر الأحمر بحجة حماية الملاحة ودعم الحرب على غزة .

هذه التهديدات فتحت الباب أمام مرحلة جديدة من التصعيد الأقليمي اذ تحول اليمن الى جبهة مواجهة غير مباشرة بين تل أبيب، ومحور المقاومة، وبين التحالف العربي ، والحوثيين الذين يسعون لتوسيع معادلة الردع بما يتجاوز حدود اليمن.

وفي الوقت نفسه تسعى الوساطة العمانية والسعودية لانقاذ ما تبقى من فرص السلام، لكن الطريق محفوف بالألغام فكل جولة تهدئة سرعان ما تنهار تحت ضغط التصعيد ، أو الحسابات الدولية، لتبقى الهدنة مجرد هدير مؤقت فوق بحر من الشكوك. 

اليمنيون يترقبون تسوية توقف الحرب وتفتح أفقاً جديداً لكن القرار لا يزال رهينة القوى الخارجية التي تتحكم بخيوط اللعبة من خلف الستار.

اليمن اليوم أمام لحظة الحقيقة، أما ان يختار طريق السلام العادل الذي يعيد للدولة هيبتها ووحدتها، أو يواصل السير في نفق الحرب التي لم تبق حجراً ولا بشراً ..

تهديدات نتنياهو، وتحركات الحوثيين، وانقسام القوى اليمنية، كلها تجعل المشهد مفتوحًا على كل الاحتمالات، لكن المؤكد أن أي حرب جديدة لن تولد الا خراباً مضاعفا لوطن انهكته الحروب حتى العظم..

لقد آن لليمنيين أن يستعيدوا قرارهم الوطني وأن يرفعوا أصواتهم في وجه الحرب، لا بأسم طرف ولا مذهب، بل بأسم وطن واحد تعب من الانقسام والدمار.. 

السلام ليس استسلاماً بل استرداد لحق الحياة وهو الطريق الوحيد لبناء دولة عادلة تجمع كل أبنائها وتغلق أبواب الحرب التي مزقتهم لعقود.. 

* سفير بوزارة الخارجية