Logo

وريثيات .. طب وتجارة وفساد

 يقول ابن خلدون " إذا اشتغل الحاكم بالتجارة فسد الحكم وفسدت التجارة وانا اقول اذا اشتغل الطبيب بالتجارة فسد الطب وضاعت الانسانية وهذا ينطبق على مايحدث في بلادنا ..

حيث تحول الطب إلى تجارة وبحث عن الأرباح والمكاسب المادية ما افقده قيمته الإنسانية التي يفترض أنها تأتي في المقام الأول   .. 

لقد تحول الطب في بلادنا إلى سوق تجاري يجري وراء الأرباح والمكاسب المادية ما أفقده قيمته الأساسية التي من المفترض أن تكون في المقام الأول حياة الإنسان وسلامته وهذا التحول ليس مجرد خلل بل انهيار أخلاقي يضرب في صميم هذه المهنة الإنسانية ..

وقد كان هذا الموضوع محور نقاش مع عدد من الزملاء والاصدقاء الذين حكى كل منهم تجربته المريرة في هذا الأمر ..

وكيف أن الطبيب لم يعد يهتم سوى بنسبته من شركات الأدوية  مقابل وصف ادويتها للمريض بغض النظر عن مدى كفاءة الدواء.. 

وليس ذلك فقط بل ان بعضهم تعاقد مع مختبرات ومراكز أشعة لا يقبل سوى نتيجتها لان معه نسبة منها..

 وبالتأكيد أن هذه المختبرات ومراكز الأشعة تفرض اسعارا عالية مقابل ماتدفعه للأطباء وأصبح الولاء لشركات الأدوية حيث توصف الأدوية بناءً على نسبة الطبيب من مبيعاتها وليس على كفاءة الدواء أو حاجة المريض الفعلية .. 
 
طبعا كان هناك موضوع هام جدا من محاور الحديث عن المستشفيات الخاصة عندما يتم إسعاف اي مريض وخاصة الذين يتعرضون لحوادث مرورية أو غيرها.. 

فإن المستشفى لايقبل حتى استقبال المريض إلا بعد أن يتم دفع مبالغ مالية أو رهن من ذهب أو سيارات والا فإن المريض سيظل ينزف ويعاني دون شفقة او رحمة.. 

وتحولت غرف الطوارئ إلى صناديق نقدية حيث الأولوية للمال قبل النفس.. 

وهذه التصرفات في المستشفيات الخاصة لان الخدمات الصحية في المستشفيات الحكومية اندثرت اندثرت وانتهت..

 ولم يعد هناك أي خدمات فيها أو أن هناك ازدحام شديد إلى درجة ان المريض يحتاج إلى شهر أو أكثر حتى يدخل إلى الطبيب المختص أو يحصل على الخدمة الطبية والصحية 

اما المراكز الصحية الحكومية فإنها ماتت من زمان وصارت مجرد ارقام في إحصائيات وزارة الصحة التي صارت شاهد زور بتقاريرها الكاذبة والخادعة عن وجود خدمات صحية وطبية ولم يعد يهمها سوى الرسوم والمبالغ التي تدفع لها مقابل منح التراخيص للمستشفيات الخاصة  .. 

نحن على حافة الهاوية عندما يتحول الطبيب إلى تاجر والفاسد الكذاب إلى مسئول واللص والبلطجي وقاطع الطريق إلى شرطي وعندما يتم اقصاء وتهميش المحترمين والكفاءات فإن الانهيار قادم لا محالة وهذا الفساد ليس ماليًا فحسب إنه قتل بطيء للثقة والإنسانية .. 

فهل وصلت الرسالة ؟ أم ننتظر أن يصبح نعش الفقير هو آخر فاتورة يدفعها ؟