اليمنيون بين ولاية الفقيه وولاية الأمير

يخوض اليمنيون حربا فيما بينهم منذ ثلاث سنوات، يقتلون بعضهم البعض في حرب هي الأبشع بين الحروب كلها. طرف ينتصر لولاية الفقيه ويعتبر أنصار ولاية الأمير خونة وعملاء ومرتزقة. وأصحاب ولاية الأمير يتهمون أصحاب ولاية الفقيه عملاء ومرتزقة.

كل طرف يعتبر عمالته ضرب من الوطنية ومستعد يفني اليمن واليمنيين في سبيل ينتصر سيده على سيد خصمه. يرفضون السلام والمصالحة فيما بينهم لكنهم على استعداد أن يضعوا وجوههم على الأرض ليطأ عليها المستعمر الخارجي. قيادة الإصلاح تنتظر من الإمارات أن ترضى عليها ولا تقبل أن تمد يدها بالسلام لأهلها في الداخل. الحوثيون قالوا عنهم الإيرانيون أنهم شيعة الشوارع وعلى قلوبهم زي العسل لكنهم لا يقبلون من إخوانهم أن يقولوا عليهم إنقلابيين .

كل طرف يرى التدهور الاقتصادي ويرى الوضع الإنساني الذي تجاوز الخطوط الحمراء ومع ذلك مستعد لأن يموت الشعب اليمني وتذهب اليمن إلى سيده وهو يعيش عبدا ذليلا عنده فذلك شرف له.

قالوا قديما إن خوض الحروب يحتاج إلى أسلحة، لكن الانتصار فيها يحتاج إلى عقول. والمشاهد في الحرب اليمنية الأسلحة حاضرة والعقول غائبة. أضحت الحرب في اليمن عبارة عن نوبات من الجنون والوحشية.

ولست بحاجة للقول إن طرفي ولاية الفقيه وولاية الأمير ليسوا مستائين من الحرب التي يخوضونها ضد بعضهم البعض فتلك الحرب مناسبة كبيرة تمنحهم وجودهم الشاذ ومبرر لبقائهم. لا يهم أي من الطرفين ما ستؤول إليه تلك الحرب من تدمير لبنية البلد فذلك سيدرج في حساب أرباحهم وانتصاراتهم المزعومة.

إن الوعود التي قطعها كل طرف على نفسه كذبا باتت تحتاج إلى إستمرار الحرب حتى لا يصبح أمام هذه الاستحقاقات. إضافة إلى أن كل طرف ليس لديه أي مشروع حقيقي للانخراط في مشروع الدولة بما يتطلبه ذلك من كفاءات ومواهب تسخر في مجالات التنمية والنمو والتخطيط الاستراتيجي.

ما يقوم به الإماراتيون في المحافظات الجنوبية من تصغير للجنوبيين وتحقيرا لهم يقوم به الحوثيون في المحافظات الشمالية. الإماراتيون غزة محتلون سيغادرون اليمن عاجلا أم آجلا، لكن الحوثيين جماعة وطنية. لذلك خطر هذه الجماعة يفوق أي خطر آخر.

خلال ثلاث سنوات من الحرب سرقت الجماعة الوطن والتاريخ والدولة والأحلام وسجلت كل شيء باسمها. حتى صواريخ اسكود المعروفة المنشاء زعمت أنها محلية الصنع. وليس هذا الأمر فحسب بل أنكرت دور الجيش في مواجهة العدوان ووضعته داخل مربعات لا تتجاوز أجندتها، لأن المطلوب في وعي اليمنيين جميعا أن لا يتجاوز الجيش اليمني الخطوط التي ترسمها تلك الجماعة، لتؤكد أن الجيش ليس أصلا في متن اليمن بل فرع داخل الجماعة.

إن طرفي ولاية الفقيه والأمير يحتضران في النزع الآخير. أعتقد أن أصحاب الطريق الثالث حان الوقت لتقديم أنفسهم للشعب اليمني والمجتمع الدولي لقيادة اليمن وإنقاذها من أصحاب الارتباطات الخارجية.