عفوا يا فخامة الرئيس

سيدي الرئيس كشفت أحداث عدن الاخيره المأساة التي نعيشها بوضوح تام فاجأني علي الصعيد الشخصي أكثر مما كنت أتوقع ..فكعادتنا نحن اليمانيون دائما ما يغمرنا إنكار الواقع واللامبالاة التي هي جزا من حياتنا وأسلوبنا الذي نستطيع به التكيف مع همومنا ومشاكلنا الاجتماعية وكأنه الأفيون الذي نتعاطه لكي نرحل واقعنا المأساوي بعيدا بعيدا فصدقا ورغم إدراكي لواقع الشرعية اليمنية سواءا في الداخل والخارج ..إلا انني لم أكن أظن أخي الرئيس أن وحدات الجيش الوطني في عدن عبارة عن بؤر جهادية تنقسم الي مجموعات يطلق عليها مجازا ألوية عسكريةولا أدري أين ذهب قادة الجيش الحقيقين الذين كانو في جسد الدوله اليمنية منذ الستينات سواءا في الشمال أو الجنوب وهل من المعقول أن كل هؤلاء لم يخرج منهم ولو ثلة قليلة يؤمنون بالجمهورية والوطن ..يدينون بالولاء لك باعتبارك الرئيس الشرعي للوطن ..وليس هذا الحديث تقليلا من عظمة الدور الذي يؤديه هؤلاء المجاهدين السلفيين والذين يحسب لهم بلا شك موقفهم العظيم في الدفاع عن عدن وبقية المحافظات ولا يزالون رقما صعبا في المعارك التي يدور رحاها في سائر أرجاء الوطن وانما استقراء للمستقبل وما يمكن ان يحدث في الايام القادمة والذي من الممكن تحاشيه باتخاذ مجموعة من القرارات تضمن بان يكون الجيش الوطني جيش نظامي يدين بالولاء لله ثم للوطن بعيدا عن اي توجهات سياسية اخرى فلم يعد الوطن يحتمل المزيد من العقد ومن ثما استنباط المعالجات لها لاحقا و الغريب يا فخامة الرئيس أننا ومن خلال أحداث عدن الاخيره لم نجد في صفوف الشرعية قائدا عسكريا حقيقيا تربى في صفوف الجيش حيث كان الأسم الذي يتداول في وسائل الإعلام هو مهران القباطي ( شاب سلفي تاريخه هو شجاعته وإيمانه بقضيته ) ولا أدري كيف منح مع كل الاحترام لبطولته كل هذه الرتب ليصبح عميدا ولا أدري لماذا كل هذه الرتب الكبيرة التي تمنح وكأننا في مزاد بيع للرتب العسكرية فلم نعد نسمع عن عقيد أو مقدم أو نقيب ولا نقول هذا الكلام إلا لأننا ندرك أن كل هذه الشكليات هي مؤشر حيوي على أن أمور الدولة ليست بخير أما من زاوية أخرى فنحن نكن لهؤلاء الأبطال كل الاحترام والتقدير ونقدر جسارتهم وشجاعتهم وتضحيتهم من أجل الوطن وقضاياه .

فخامة الرئيس أتمنى أن لا تنسيك هموم هذا الوطن ومشكلاته المعقدة وان لا يؤثر عليك كل هذا الضغط الهائل في اتخاذ القرارات الصحيحة التى تمثل دولة المؤسسات والتي يجب أن تحتوي الجميع لا أن يحاول احتوائها الجميع ..ويا ترى أخي الرئيس لو تفاءلنا وتخيلنا أن الحرب وضعت اوزارها وحلت مشاكل عيدروس ومجلسه والأخوة الحوثيين وتصلباتهم واضطررت لاتخاذ بعض القرارات وقمت بعزل بعض الشخصيات وتعيين شخصيات أخرى في مناصب عسكرية وربما لا تكون مقبولة شرعا من وجهة نظر إخوتنا السلفيين وهذا وارد ترى هل سيستمرون بالولاء لسيادتك وهل سيستمرون بالنظر لمقامكم كولي للأمر واجب الطاعة ؟

فخامة الرئيس إن هذا التساؤل هو مجرد انموذج لمختلف الجبهات والفصائل في مختلف أرجاء الوطن وهو ينذر بمرحلة حقيقية من التشظي والصوملة لما تبدأ بعد إلا أن بذورها بدأت بالنمو والحياة وما زالت مستمرة في النمو ونخشى ان تثمر وبدلا من محاولة الخروج من هذا النفق المظلم الذي يضيق شيء فشيئا علينا جميعا نزداد غرقا في جحيم التشظي والتدمير والحروب التي قضت على معظم مقدرات الوطن .

لذا نناشدك الله يا فخامة الرئيس بأن تعود إلى الوطن والى العاصمة المؤقتة عدن وان تصارح هذا الشعب المغلوب على أمره بكل ما يجري أو على الأقل تخاطبه وترفع من معنوياته لعله يستطيع الصمود لوقت أطول

ونناشدك الله ان تشرف على إدارة الوطن من الداخل وان كانت الظروف غير مناسبة للإقامة في عدن فيمم وجهك باتجاه مأرب الخير أرض سبأ ..فهناك قوم يقدروك ويعتبرونك مرجعية لهذا الوطن المثخن بالجراح .

سيدي الرئيس نعلم أن الامكانيات المتاحة في يدك بسيطة ولكنك تمتلك ما هو أعظم من الإمكانيات فبين يديك إرادة شعب قوى يحتاج منك أن تتحرك وان تتحدث وان تصدر القرارات الضرورية دون إبطاء وقبل فوات الاوان فلربما لو اتخذت بعض القرارات الهامة منذ أحداث دماج وحتى اليوم لجنبت الوطن الكثير من هذه الويلات التي نعيشها واقعا ماساويا بكل ما تحمله الكلمة من معنى .

في الأخير سيدي الرئيس انت تدرك أن التاريخ لا يرحم أحدا ..

و أحب أن أقول لك كلمة حق من مواطن بسيط خال من التعصب والتوجهات إلا لله وللوطن ..إن لم تقدر أن تحتوي هذا الوطن بكل همومه وتطلعاته وماسيه فعلى الأقل عليك أن تترك مكانك رجلا آخر يمتلك نفس رؤيتك قادر على البذل والعطاء في هذه المرحلة العصيبة وسيسجل اسمك في سفر هذا الوطن بأحرف من نور ..فائض التحية والتقدير .