11 فبراير يوم النكسة اليمنية

كلنا عشقنا ثورة فبراير وحلمنا بنجاحها وعشنا وهم المستقبل المشرق والوطن العادل فقد فتحت تلك الفوضى المدمرة

افقا واسعا نحو الحرية والنهوض ضد الطغيان والظلم والجورلم نستطع ان نقاوم ذلك السراب الجميل ولم نستمع لصوت المنطق والعقل فقد هاجت العقول وتعطش الجميع للتغيير حتى العلماء افتوا وتفننوا في إبداء الحلول للخروج من معضلة عدم جواز الخروج على ولي الأمر فقالوا يجوز الخروج السلمي لرفع الظلم عن كاهل الناس وساهم في اذكاء كل ذلك رائحة الفساد التي أزكمت أنوفنا جميعا ورجال منظومة صالح من حكموا وعاشوا وشاركوا في فساد البلاد واعداء النظام السابق وكل من له ثار مع نظام الراقص مع الثعابين.

كلهم رأيناهم يتصدرون ساحات التغرير ويلوحون للثوار ويمدونهم بالعزيمة والثبات.

ولعدم صدق النوايا وعدم طهارة الغايات فشلت هذه الثورة فشلا ذريعا فقد امسك هؤلاءالمنتفعون بزمام الجموع في الساحات وتحولت من انتفاضة شعبية خلاقة أهدافها سامية ووسائلها سلمية الي ثورة توازنات ومحاصصة وترضيات لكل الفرقاء المتواجدون في الساحات وجيرت تضحيات الشباب الجسيمة والدماء الزكية النقية التي أريقت في الساحات والشوارع من أجل أطماع الأحزاب والمكونات السياسية المتحالفة وتم تقاسم الكعكة الملطخة بلون الدم بين الجميع وأصبح لدينا وزير ووكيل الوزير ووكيل وكيل الوزير و مدراء عموم و إدارات وهمية ووكلاء محافظات بعدد شعر الراس وكذلك الحال في شتى الإدارات الحكومية أصبحت المناصب محاصصة بين الجميع وغرقنا في الفساد حتى كدنا أن نختنق وليس صحيحا أن ما حدث من انقلاب هو السبب في واد فبرايرفقط فكل مقدمات هذا الانقلاب وكل ممارسات السلطة التنفيذية وفشلها الذريع في إدارة الدولة والمجتمع كانت عاملا مهما في ذلك الموت السريري لثورة فبراير .

لن أتغنى بمخرجات الحوار الوطني كما يفعل الكثيرين فهى لا تساوي الحبر الذي كتبت به طالما وهي مجرد كلمات انشاءية حبيسة الورق الذي يتضمنها لكنني ساتحدث عن مخرجات 11 من فبراير الحقيقية والملموسة لدي الجميع من أبناء الوطن ففي الشمال اليوم نعيش تحت حكم وبطش سلطة الامر الواقع وهيمنته فلم تبقى هناك لا حريه ولا أفق ولا كرامه إلا في جبهات القتال وعلى مذبح الوطن أهدرت سيادة الوطن دمارا و خوفا وجوعا وتشريدا اما ما يسمى بالمحافظات المحررة فهي ليست باحسن حال من غيرها فلا امن ولا امان ولا قانون ولم نعد نعلم من الحاكم ومن المحكوم ومن الشرعي ومن المتمرد و اختلط الحابل بالنابل واحتكم الجميع للخارج وضاعت أحلامنا بين كل هذه الكوابيس هذه هي الحقيقة بكل بساطة مهما تحدث المنتفعين من الاعلاميين والسياسيين والحزبيين الموجودين في الفنادق أو أولئك الحالمين المنظرين من خلف مكاتبهم

والغريب أننا بدلا من أن نساهم في التوعية وتأهيل الناس وتصحيح مفاهيهم نستمر في تضليل الشباب وبيعهم الوهم في سوق المتاجرة بالشعارات والدم اليمني علينا أن ندرك أن ثورة فبراير هو يوم النكسة اليمنية في هذا العصر من التاريخ حتى نستطيع النهوض وتلافي أخطاء تلك الفوضى التي حصلت واوصلتنا الي ما نحن عليه اليوم . لسنا في أوربا ولا يمكن مقارنة ثورتنا بالثورة الفرنسية فلا واقعنا ولا مفاهيمنا ولا مجتمعاتنا تتحمل تبعات مثل تلك الثورات العنيفة فنحن نمتلك من العقد والتفصيلات التي لو لم نتوافق عليها لبقينا الف سنة في نفس هذا الاتون الثوري .

إننا في أشد الحاجة اليوم الي رفع مستوى الوعي الوطني وتعزيز الانتماء للوطن الخالي من كل بذور المناطقية والعرقية والطاءفية نحتاج إلى بناء جيل متسامح يرفض العنف و يؤمن بالحوار والتغيير والقبول بالآخر

والغريب أن لدينا أمثلة حية من أمتنا الإسلامية لاادري لماذا نتجاهلها ولا نتحدث عنها بالرغم من أنها تجارب رائدة على مستوى العالم المتحضر فلدينا ماليزيا و تركيا نماذج راءعة في النهوض الانساني للاوطان فتركيا مثلا لم تصل بسهولة وإنما بفضل رحلة طويلة من الكفاح والصبر على الظلم والنضال والتوعية المجتمعية ولذا رأينا الجميع رغم اختلافاتهم السياسية يهبون هبة رجل واحد ضد الانقلاب على كل مفاهيم الحرية والعدالة حين لزم الأمر حيث كان المجتمع يقف على أرضية صلبة من الوعي والانتماء الوطني حصنته من أي مناكفات وخصومات جانبية قد تستغل و تطيح بالحقوق الوطنية للمجتمع وتضرب الوطن ونهضته الحضارية في مقتل .

عودا على بدا اعيدها مرارا وتكرارا أننا عشقنا ثورة 11 فبراير حتى الثمالة

لكن قناعاتنا تغيرت فقد رأينا جميعا كيف تم إفراغ الهبة الشعبية من مضامينها سقط الأبرياء بين شهيد وجريح تعفنت جروح الثوار في المنافي وداخل ربوع الوطن وجاعت اسر الشهداء وضاقت على الناس معيشتهم اكثر واكثر بينما يجني ثمار فبراير اليوم الحاكمون في الداخل ورواد الفنادق في الخارج وهاهم اليوم يختلفون في كل شيء لكنهم يتفقون في احتفالاتهم بفبراير في مشهد سياسي متناقض من النادر أن تراه في أي بلد من بلدان العالم لذا لا بد لنا من أجل أن نتجاوز كل هذه التناقضات التي أدت الي كل هذا الدمار في الوطن الحبيب وماساته الانسانية علينا أن لا نظل راكبي موجة الشعارات البراقة ونبيع الوهم لابناءنا مرددين كالبغبغاوات كلام المنتفعين والحالمين يجب أن نناظل من أجل الحرية والعدالة والأمن والاقتصاد والانتماء الوطني لا أن نحتفل بيوم كان يوما فوضويا دمر الوطن وأعاده الي القرون الوسطى لن نقول ثورتنا مستمرة ولكننا سنناظل بكل قوانا من أجل هذا الوطن ومستقبل أبناءه جميعا وفي سبيل تقدمه ونهضته الحضارية ليعود كما كان حاضرة العرب ومصدر فخر هم واعتزازهم علينا جميعا ان نراجع أفكارنا ومواقفنا وان نغلب الوطن ومصلحته فوق كل اعتبارات لنحتفل جميعا في يوم وطني آخر غير 11 فبراير وهو اليوم الذي ستضع فيه الحرب أوزارها ونبدأ بتنفيذ مخرجات الحوار الوطني على أرض الواقع عندها فقط يمكننا أن نحتفل حفظ الله اليمن من كل سوء .