خواطر من وحي الأيام: اغلاق “المجد” السفير.. ورحيل الهندي رفيق حبش وحداد

- الأمم  برجالها

في مثل هذا اليوم  قبل 28 عاما (13/12/1988) وبعد  اقل من شهر على إعلان استقلال دولة فلسطين في الجزائر  (15/11/1988) وقف الرئيس الشهيد ياسر عرفات يخطب للمرة الثانية في  الأمم المتحدة في جنيف وليس في نيويورك كما كان الحال عام 1974حين ذهب والرئيس سليمان فرنجية إلى الأمم المتحدة  الأول متحدثا باسم فلسطين والثاني باسم العرب.

ولانتقال الجمعية العامة للأمم  المتحدة من نيويورك إلى جنيف قصة روتها الدكتورة  ريما خلف المدير التنفيذي للأسكوا في كلمة مميزة ألقتها في حفل تكريم المفكر العروبي الراحل الدكتور كلوفيس مقصود في الجامعة بحضور نخبة من الشخصيات اللبنانية والعربية وبمبادرة من الأستاذ طلال سلمان.

قالت خلف لما رفضت الحكومة الأميركية منح أبي عمار تأشيرة دخول إلى أراضيها لإلقاء كلمة في الأمم المتحدة ذهب مقصود  (وكان ممثلا للجامعة العربية في الأمم المتحدة)برفقة سفير دولة عربية صديقة لواشنطن لمقابلة وزير الخارجية الأميركية  يومها جورج شولتز(راعي اتفاق 17 أيار/مايو بين لبنان والكيان الصهيوني عام 1983) والطلب إليه التراجع عن منع رئيس دولة فلسطين من دخول الأراضي  الأميركية.

وحين أصر الوزير الأميركي  على موقف  حكومته ،خرج مقصود بمفرده إلى الصحافة ليعلن ،ودون التشاور مع   احد، إن جامعة الدول العربية قد أخذت قرارا بنقل اجتماع  الجمعية  العامة إلى جنيف لكي يلقي عرفات كلمة فلسطين…وهكذا كان…

رجل فرض رأيه على الجامعة العربية وفرض باسم الجامعة رأيه على الدولة العظمى.

فعلا الأمم برجالها …إذا حضروا حضرت  أمتهم

 

 2- “المجد” بعد “السفير”

قرار مؤلم اخر نتلقاه هذا الاسبوع وهو قرار المناضل والكاتب الجريء فهد الريماوي باقفال جريدة “المجد” الاردنية التي واكبت على مدى 23 عاما كفاح الامة ضد أعدائها  في فلسطين يوم تعالت أصوات التطبيع، وفي العراق يوم أدركت “المجد” ان كل مآسينا اللاحقة ستاتينا من الاحتلال الأمريكي للعراق وفي سوريا وليبيا واليمن حيث تنقض أنياب الأعداء لتنهش فينا قتلا وتدميرا وتمزيقا  ،وعلى مستوى الامة كلها حيث لا ينفك اعداؤها عن حياكة المؤامرة تلو الأخرى لضرب استقلالها ووحدتها وتقدمها كأمة وكاقطار من المشرق حتى المغرب .

ايعقل ان تغيب “المجد” بعد “السفير”، وكانتا قلعتين للعروبة والتنوير والتقدم وأبناء الامة الشرفاء والمقتدرون عاجزون عن احتضانهما في مواجهة الصعاب.

صحيح أنه لم تكن تصلني كل اعداد”المجد ” ولكن أصداء مقالاتها ومواقفها كانت تصل إلى كل زاوية من زوايا الوطن الكبير.

الف تحية “للمجد” ولصاحبها العروبي الأصيل فهد الريماوي وكلنا أمل ان تتجاوز “المجد” كما “السفير “ازمتها لتطلان علينا كل صباح كما تطل شمس العروبة والحرية والوحدة والتقدم.

نقول ان معركتنا مع قوى الغلو والتطرف والتوحش هي معركة اعلامية ثقافية تربوية ثم نرى صروحا اعلامية وثقافية وتربوية تتهاوى امامنا

 

 

 3- العروبة والوفاء

كم هو جميل أن يلتقي في بيروت سنويا، في مثل هذه الأيام، ثلة من أحرار البحرين مع إخوة لهم من لبنان وفلسطين والوطن العربي في منتدى المناضل والقائد الراحل عبد الرحمن النعيمي لإحياء ذكراه الطيبة في ندوة  فكرية في مدينة احتضنته طالبا، واستقبلته مناضلا منفيا، وشهدت نقاشاته الفكرية ومبادراته النضالية، وبقيت وفية لذكراه ولتطلعاته العروبيةالتحررية والتقدمية  والديمقراطية.

كم هو رائع  ان تترجم العروبة وفاءها لمناضليها خارج اقطارهم، وبمناضلين من كل الأقطار، في تأكيد عملي لوحدة النضال  العربي.

وكم هو عظيم ان تستقبل بيروت رفيق ابي أمل الذي أمضى خمس سنوات في السجن مؤكدا على الطابع الوطني الديمقراطي الجامع، القديم الجديد، للنضال الشعبي في البحرين وهو إبراهيم شريف السيد، الذي كنا نعد له في بيروت استقبالا يليق به بعد الإفراج عنه، فإذ بهم يعيدونه الى السجن مرة اخرى، لانه شهادة على وحدة البحارنة من أجل الحرية والاصلاح. فأهلا به ورفاقه من جمعية(وعد).

 

 4- رحل رفيق جورج حبش ووديع حداد

 

 

من الصعب أن نتذكر الراحلين الكبيرين الدكتور جورج حبش والدكتور وديع حداد، إلاّ وتذكر معهما ثالثهما المناضل الدمشقي الكبير الذي ساهم مع حبش وحداد وأحمد الخطيب وصالح شبل وثابت المهايني وباسل الكبيسي وآخرون، في تأسيس واحدة من أهم الحركات العربية المعاصرة: “حركة القوميين العرب”.

سيرة الراحل الكبير هاني الهندي حافلة بمحطات نضالية وسياسية ممتدة منذ أوائل خمسينات القرن الماضي حتى اليوم الذي رحل فيه وهو غارق في إعداد الكتب التي تؤرخ للحركة التي ساهم في تأسيسها، وللخيبات التي مرّ بها، وللعبر التي استفاد منها، ولفلسطين التي ارتبط اسمه وربط حياته بقضيتها وبالكفاح من أجلها، وبالوحدة العربية التي شكّلت حلمه الأكبر مع كل إخوانه العروبيين فناضل لقيام أول تجربة وحدوية معاصرة عام 1958، ثم ناضل ضدّ الانفصال المشؤوم بعد عام 1961.

وتشاء الأقدار أن يرحل المناضل الكبير هاني الهندي فيما رفاقه في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين يحيون الذكرى 49 لانطلاقتها، وقد كان أحد مؤسسيها والمناضلين بصمت في صفوفها على مدى نصف قرن.

كان المناضل المؤسس الهندي فارساً من فرسان الحركة القومية العربية المعاصرة الذين تجنبوا الاستعراضية في العمل، والمزايدة في المواقف، والفوقية في العلاقات، والسطحية في المعالجات، فبقي له الموقع الاستثنائي في قلوب رفاقه وعارفيه وعقولهم وضمائرهم.

رحمه الله

 

5- في وداع صديق

لم يكن الراحل الحبيب الحاج خالد اللحام إعلاميا مشهورا ،وصحفيا انفتحت أمامه سبل العمل الإعلامي الواسعة ،لكنه كان، بنظر كل من عرفه، إعلاميا جادا ومتميزا يستقي الخبر من مصادره ويواكب الحدث ثقافبا ام سياسيا ام اجتماعيا بدقة وحرفية  وصدقية مكنته من دخول القلوب بتواضعه ،والعقول بشفافيته والضمائر  بإخلاصه.

جارت عليه الأيام ،وقست عليه وعلى عائلته  الظروف، فكانت له حكاية حزينة اخرى،كما هو حال العديد من الإعلاميين والفنانين والمبدعين والمناضلين الشرفاء الذين لم ينصفهم المجتمع  ولم ترعاهم الدولة.

هزني من الاعماق خبر رحيل خالد محمد اللحام الذي عشنا  معا ايام الطريق الجديدة في بيروت الصعبة ،فكان الصديق الصدوق ،والرجل الخلوق ،المندفع في خدمة ناسه ،المتفاني في عطائه المهني، المكابر على وجعه ومرضه وحاجته ،المحب والمحبوب ،المتلىء طموحا ،ولكن المقيد بالف قيد وقيد.

كان حاضرا في كل منبر ،فاعلا في قضية مسكونا باوجاع مدينته ووطنه وأمته ،.

رحمه الله واسكنه فسيح جنانه والهم عائلته وشقيقه المناضل الناصري والباحث الإسلامي الدكتور سعيد جميل الصبر والسلوان.

6-  لماذا اغتيل محمد الزواري

 

حين كنا في العديد من المؤتمرات والمنتديات والملتقيات التي عقدناها في تونس المجيدة نطالب بفتح تحقيقات في الجرائم التي ارتكبها الصهاينة على الأرض  التونسية بحق قادة ومناضلين فلسطينيين ،كان احد اهدافنا السعي إلى تحصين تونس من مخاطر تسلل الموساد الصهيوني لتنفيذ اغتيالات او حياكة فتن كما جرى مؤخرا في اغتيال المجاهد والعالم البطل محمد الزواري ،وربما اغتيال اخرين قبله، للانتقام من الشعب التونسي الذي لا تجمع قواه وهيئات النقابية والجمعوية على أمر كما تجمع على قضية فلسطين.

وليس صدفة ان يختار الموساد الصهيوني ايام احتفال التونسيين بالعيد السادس لثورتهم الرائدة والمظفرة لتنفيذ جريمته بحق الطيار المهندس الملتزم بالمقاومة الفلسطينية ،لان العدو لا ينسى ان من اول الشعارات التي رفعها شعب تونس بعد الثورة “الشعب يريد تحرير فلسطين”، ولأن العدو يدرك ايضا ان التونسيين رغم كل ما بينهم من خلافات وصراعات رفضوا ان تستدرج بلادهم الى المصير الذي عرفته دول عربية عزيزة وغالية، وافشلوا بالتالي مخطط التدمير الذاتي والاحتراب الدموي والتفتيت المجتمعي والتقسيم الواقعي الذي تواجهه أقطار اخرى .

ليكن الرد التونسي على الجريمة الجديدة بالمزيد من التكاتف والتماسك والتمسك بالسقف الديمقراطي السلمي لكل ما بينهم من صراعات ومعالجة قضاياهم الاجتماعية والاقتصادية بسرعة وحكمة ،وصولا إلى تجريم التطبيع مع عدو لا يتوقف عن ارتكاب الجرائم بحق تونس وفلسطين ولبنان وسوريا والعراق وليبيا واليمن ومصر وقبلها جميعا ضد الجزائر.

فلتفتح ملفات الجرائم الصهيونية على أرض تونس دون إبطاء. ولنتذكر مع اغتيال الزواري كل علماء الامة الشهداء ممن اغتالهم العدو ( وعملاؤه في كل أرض )لاسيما  المئات من علماء العراق الابطال.

 

 7- قوة لبنان

بتشكيل الحكومة اللبنانية وانتخاب رئيس للجمهورية انتظم ركنان من أركان الحياة الدستورية في لبنان بانتظار قيام الركن الثالث وهو أجرا انتخابات  نيابية في ظل قانون انتخابي سليم يقوم على النسبية في لبنان دائرة أنتخابية واحدة.

ورغم اعتراضات  محقة ترى في الحكومة تكريسا لمنطق المحاصصة والتقاسم ،إلا أن هذا لا يمنع من أن نرى في تشكيل الحكومة تأكيدا على ان إرادة اللبنانيين  في قيام دولتهم، رغم كل العوائق ،اقوى من كل القوى الراغبة في تعطيل البلاد، ومنع انتظام مؤسساتها الدستورية  .

ان تهنئة الوزراء الجدد، ولنا بينهم اصدقاء نعرفهم ونثق بهم ،تكون اذا نجحوا في مهامهم  الجديدة ، لان التهنئة الحقيقية تكون عند انتهاء الولاية لا حين تسلمها كما قلنا قبل ايام للرئيس تمام سلام الذي أدار حكومته في مرحلة من أخطر المراحل التي مر بها لبنان

و تثبت التطورات ان هذا البلد يمتلك   قوة ذاتية وقدرة على الانبعاث  قادرة على الصمود وسط أعتى العواصف واقسى الزلازل.
- رأي اليوم