إستهداف دمشق وصمة عار في جبين العرب

    رغم كل التجاذبات في الساحة العربية بقي الصراع العربي الصهيوني في وجدان الشعب العربي يحمل مضامين وحدته في هذا الصراع وان ضل الطريق الكثير من صناع القرار لدى الأنظمة العربية ـ إن كانوا صناع قرار اصلاً ـ رغم كل المحاولات المستمية الى ترحيل أولوية العداء مع الصهاينة الى خانة النسيان او اللامبالاة في الضمير الجمعي للشعب العربي.

        يأتي العدوان الإسرائيلي الجديد على سورية وعلى مطارها بالمزة في محاولة لإستكمال رسم قواعد اشتباك من طرف واحد يحاول قادة الصهاينة فرضها على العرب، لكسر هيبة المواطن العربي وقتل إرادة الرد لديه والتسليم بالتفوق الإسرائيلي على كل الأقطار العربية.

      العدوان الإسرائيلي على سورية ليس الأول وربما لن يكون الأخير طالما ان الدول العربية تلعب دور الشامت او المتواطئ وفي أحسن الأحوال دور المتفرج وكأن الأمر لا يعنيها.

         ثمانية صواريخ اطلقت من الكيان الاسرائيلي استهدفت كل مواطن عربي في عقر داره من المحيط الى الخليج فسورية ليست الهدف النهائي لتلك الهجمة ، وجميعنا يعلم ان الصهاينة لا زالت تتملكهم اوهام الحلم الصهيوني بالتمدد من النيل الى الفرات ـ ولقاء نتنياهو مع قادة سبع دول افريقية في شهر تموز من العام الماضي تعد ضربة في صميم الأمن القومي العربي كون هذه الدول تشكل منبع الحوض المائي لعدة اقطار عربية وإجتماعه بقادتها يأتي ضمن هذا السياق ـ  وهذا لن يتحقق الى بعد تحويل الأقطار العربية الى كانتونات تتقاتل فيما بينها ليغدو كل قطر عربي عاجز حتى عن الذود عن نفسه فضلا عن  نجدة غيره .

        لم يتم استهداف مطار المزة في سورية بقدر ما تم إستهداف "اتفاقية الدفاع العربي المشترك" التي اقرتها جامعة الدول العربية في شهر نيسان عام 1950 والتي لم يقرأها أي وزير دفاع عربي منذ ذلك الوقت وحتى الآن، ومع ذلك لن يُسقط هذا الإستهداف سورية ولن يزعزع من مكانتها فالجميع يعلم انها القلعة العربية الوحيدة التي تواجه التمدد الصهيوني والمشاريع الأمريكية المشبوهة في المنطقة في زمن الإنبطاح العربي الذي تعيشه انظمتنا العربية.

       سورية في حالة حرب عالمية غير معلنة والإستهداف الإسرائيلي يأتي ضمن دور مرسوم للتدخل لإنقاذ ادواتها في سورية كما تدخلت قبلها في استهداف مواقع الجيش العربي السوري في القنيطرة وغيرها ، وتأتي اهمية هذا العدوان على مطار المزة والذي لا يبعد اكثر من خمسة كيلومترات عن ما يشهده وادي بردى الواقع تحت سيطرة العصابات المسلحة التي اعترفت علنا بأنها وراء جريمة تعطيش عاصمة الأمويين في واحدة من ابشع جرائم العصر والتي عجزت حتى الأمم المتحدة عن تغطيتها واعترفت انها تشكل جريمة حرب .

ومن المؤسف الإستغلال الإعلامي من القنوات الناطقة بالعربية للعدوان الصهيوني للتشهير بسورية في الوقت الذي تمارس الدول التابعة لها سياسة التطبيع والصفقات المشبوهة تحت الطاولة ووصلت حد الوقاحة بأن غدا بعضها فوق الطاولة، وتتعالى تلك النبرات بكلمة حق يراد بها باطل بالسؤال اين الرد السوري؟!!

لم يسألوا اين كان العرب حين حلقت الطائرات الإسرائيلية في اجوائهم لضرب وتدمير المفاعل النووي العراقي اوائل ثمانينيات القرن الماضي، واين كان ردهم حين اجتاحت الدبابات الصهيونية عاصمة عربية "بيروت "، وبماذا ردوا على قصف الصهاينة لمنشآت ومواقع سودانية، ناهيك عن ردهم المخجل للعدوان الصهيوني على لبنان وغزة لأكثر من مرة من قبل بعض القادة العرب بوصف المقاومين بحفنة من المغامرين

سورية لن ترد بطريقة المراهقين ولن تدخل معارك كنشوتية غير محسوبة النتائج  فالمتابع للسياسة السورية يعي حكمة وحنكة القيادة في سورية في عدم الإنجرار لمعركة يحدد العدو زمانها ومكانها ولطالما جاء الرد السوري دون ان يعلن ذلك ، ويحتفظ حزب الله بالعديد من حقائق الصراع في هذا الموضوع وهو دون غيره يعرف متى وكيف كان الرد السوري في اكثر مرة ، فسورية تدرك ان الدخول في أي معركة ضد الصهاينة بشكل مباشر ستجد طعنة في الظهر من انظمة عربية تكشفت اقنعتها وجف ماء الحياء في وجهها ، فكما كشفت الوثائق خيانة البعض في حرب 6 تشرين الأول 1973 ستكشف المواقف المباشرة خيانة الكثير منهم في أي معركة قادمة دون الحاجة لمرور الوقت لإكتشافها.

  • - كاتب يمني 

           Adel3631@hotmail.com