بإنتظارك ايها النبي الطيب

مات هوكينج ولم يفزعني الأمر .. في الحقيقة لم أبكي على الإطلاق كما كنتُ أظنّ .. فكرتُ فقط بوجوهِ أرهقَتنا وجعلت اوقاتنا معتمة ك عبدالله احمد علي مثلاً .. إنه يبدوا بصحة جيدة للأسف .. يبدوا أنهم يرغبون الناس بالموت ثم يهتمون بصحتهم كما ينبغي ..!! لم يكن هوكينج يخشى من الموت .. لكنه عندما غادر لم يأخذ احداً معه كما فعل الشاب الصغير البارحة في عدن .. لماذا لم أكن حزيناً كما كنتُ أظن ..ربما لذلك علاقة وطيدة برغبتي في مغادرة هذا العالم بسنٍ لايتجاوز الستين بأي حالٍ من الأحوال .. انا لستُ صديقاً لفكرة المُعَمّرين .. من المؤسف أن اعيش عمري عالةً على غيري .. البارحة في المستشفى كان هناك مريض يعاني من اعاقة ما في جسده .. جسده الأعلى طبيعي وارجله وفخذية قصيرتان جداً ولديه امراض اخرى .. ولكن عندما بدأت احاول مساعدته ليجلس على الكرسي المتحرك قال انا افعل بذلك بنفسي ومن خوفي عليه حاولت ان أخفِضَ السرير الى اقلِّ مستوى ..اغضبه الأمر وقال لقد قلت اني اعرف ذلك لاتقلق .. المهم صاحبته الى الأشعة والى اماكن فحوصات اخرى ..وتحدثنا كثيراً .. في المساء قبل ان اغادر من العمل احببتُ المرور عليه والاطمئنان عليه والتحدث معه قليلاً ..تحدثنا مرةً أخرى واعتذر لي انه لم يكن يقصد ان يكون غير مهذب عندما اردتُ مساعدته وسألته عن سبب ردة فعله العدوانية نوعاً ما عندما احببتُ مساعدته .. قال أنه لايحب ان يعتمدَ على الآخرين فيما يفعله ..ما استطيع فعله استطيع فعله ..لاداعي ليفعله الآخرين لي .. هذه مشكلتي مع امي ..انها لاتستوعب انني استطيع فعل الكثير من الأشياء لوحدي .. شكراً لتفهمك .. اخبرتُه ان هذا شيءٌ جميل وأن الاعتماد على النفس شيء يستحق التقدير وان هناك الكثير من المرضى لايفعلون اشياء كثيرة رغم قدرتهم على فعلها ويطلبونها من الممرضين كخفض السرير مثلاً رغم أن الامر لايحتاج لأكثر من ضغطة زر.. اخبرته انه مميز بالنسبة لي بالطريقة التي يفكر فيها ..وانني اراني فيه لانني لا اريد يوماً ما ان اتعب العالم حولي كي استمر في التنفس ..قال لي .. تعرف ..في اللحظة التي اكون عاجزاً فيها عن فعل شيء س _ بوم _ وأشار الى رأسه .. أخذتُني للحظات الى هذا المشهد .. فكرتُ في الأمر للحظات وظننت انني ربما افعل ذلك لو فقدتُ يدي اليمنى على وجه الخصوص .. عندما قرات خبر موت هوكينج اليوم تذكرتُ كلام ذلك الشجاع .. قلتُ من الأفضل ان يموت هوكينج ..لماذا يجب ان يعاني من أجلنا .. نحن انانييون .. كل العالم يمكن ان نعاني من اجلهم كي يستمروا في العيش الا هوكينج ..فلقد استمر طيلة عالمه المختصر في الكرسي يعاني من اجلنا .. من اجل ان يضيف لنا شيئاً ما .. ارحل ياهوكينج .. هذا العالم لايستحق ان تعاني من اجله ..عبدالله احمد علي بخطبة واحدة يستطيع ان يدخلك في النار ويجعل شبابنا يقولون عنك كافر ... اذهب فعبدالله احمد علي يعيش ويتنفس ويمارس حياته الطبيعية هنا ..يبدوا أن هناك مكاناً افضل لك ..جرب هذه المرة ..قلتَ مرةً لاأحد مات وعاد ليخبرنا مالذي حدث .. لو عدتّ يوماً ما تأكد انني سأكون بانتظارك ايها النبي الطيب .