فيلة بلا أنياب.. الطبيعة الأم تقاوم عبث الإنسان.

في فيلم تسجيلي عن الفيلة على قناة ناشيونال جيوغرافيك كانت اغلب الفيلة بلا أنياب.

أما السبب فهو الصيد.

ولكي تنجو الفيلة من بنادق الصيادين صارت احفادها تولد بلا أنياب.
كيف يمكن أن يحدث هذا؟
وهل تستطيع الفيلة تغيير جيناتها وصفاتها؟
مفتاح اللغز قدمه داروين في القرن التاسع عشر : "الانتخاب الطبيعي".
والانتخاب الطبيعي باختصار هو عملية انتقاء عشوائية للصفات التي تمكن أفراد النوع من البقاء في مواجهة تحديات البيئة.
معظم الفيلة الإفريقية تولد بأنياب.
وناب العاج هو اهم عضو في جسد الفيل، وبسببه قتلت آلاف الفيلة في جرائم صيد عشوائي غير شرعي من أجل ناب العاج الثمين.
كان مقدرا للفيلة الإفريقية ان تنقرض لولا وجود خطأ جيني يصيب 2% من الفيلة التي بلا أنياب.
لاحظ العلماء الظاهرتين التاليتين.
في العقود الأولى كانت الفيلة ذات الانياب الأضخم والاطول تتناقص، حتى صارت أغلبية الفيلة بأنياب متوسطة أو قصيرة.
والسبب في ذلك أن الصيادين كانوا يختارون الفيلة ذات الانياب الأطول ويصطادونها.
ولم يتبق الا الفيلة ذات الانياب الأقصر لتتزاوج وتنقل جيناتها إلى الأجيال اللاحقة.
ومع ذلك لم يتوقف الصيد. واستمر الصيادون في ملاحقة الأفيال ذات الانياب المتوسطة والقصيرة.
ولم ينج من هذه المذبحة الا الفيلة القليلة جدا التي تولد بلا أنياب.
صار الفيل بلا ناب ميزة بيولوجية فهو يعيش ويتزاوج وينقل جيناته الأجيال الجديدة.
استمر الحال هكذا حتى صار عدد الفيلة بلا أنياب يفوق عدد الفيلة ذات الانياب. وبدلا من 2% صار عدد الفيلة بلا أنياب حوالي 98%!
نجت الأجيال الجديدة من الفيلة من الصيد، فمن الذي سيتعب نفسه بصيد فيل لا يملك تحت خرطومه ناب العاج الثمين جدا.
اذا استمر استهداف الصيادين لما تبقى من فيلة بأنياب ستصبح فيلة المستقبل الإفريقية كلها بلا أنياب، وسينقرض فيل الناب كما انقرض قبله فيل المأموث.
لكن جهود الطبيعة الأم لمقاومة عبث الصيادين لم تنجح تماما.
ان الناب عضو مهم جدا الفيل. فمن خلاله يقاوم المفترسين ويهيء الأشجار ويحفر بحثا عن الماء.
واذا كان الفيل بلا ناب سينجو من بندقية الصياد الا انه سيعاني من تغذية أقل وقدرة أقل على حماية نفسه من مفترسي الطبيعة.
وعندها سيعمل الانتخاب الطبيعي عمله لتغيرات جديدة قد تقود الفيلة إلى النجاة أو الانقراض او التحول لنوع مختلف.
كنت قد طردت نظرية التطور من الباب وعادت لي من النافذة.
ما علينا...
إنها مجرد نظرية تثبت صدقها كل يوم!