ميناء عدن- الوهم يتملَّك عقول بعض البشر

هناك الكثير من يتناقل مقالة لخبير مغربي اقتصادي في بورصة نيويورك و مهندس سوق الاوراق المالية السنغافورية يقول فيها ان اليمن دولة غنية جدا و من مجمل كلامه ان هناك العديد من دول العالم ترغب في الاستثمار في ميناء عدن مما يحقق 75مليار دولار اقل عائدات و وظائف عمل لملايين اليمنيين, و ان اليمن سوف تجني ما يتجاوز عن 100 مليار سنويا مع توظيف الملايين فقط في مواني بحر العرب. و طبعا يستهل سرده و يواصل. و حتى لا نعيش في الوهم هذا طرح غير اقتصادي ولا صحيح و لا يمكن لليمن ان تبني اقتصادها على الاوهام و مثل هذا الكلام يسمعه شخص من الحراك الانفصالي ويجد له حجة و يخرج بعدها الشباب الطافش على صاحب البسطة من تعز او الشمال, يقلب الدنيا يشتي "ينتع دولة له" بامتهان كرامة اخيه الغلبان ابن الشمال, تعيش على ميناء عدن و البحر العربي كما تصور له مثل هذه التقارير المريضة.

و لكي نكون اكثر عقلانية في نقل مثل هذه المقالات, فلننظر الى ميناء جبل علي أكبر ميناء بحري في منطقة الشرق الأوسط و منفذ إلى أسواق أكثر من ملياري شخص. هذا الميناء يعتبر مركز متكامل متعدد لوسائط النقل البحري و البري و الجوي مزود كما تعرفون بمنشآت لوجستية واسعة, و يعتبر ميناء لأكثر من 90 خدمة ملاحية أسبوعية تربط أكثر من 140 ميناء في أنحاء العالم, و طاقته الاستيعابية تقريبا 19 مليون حاوية كما يعرف الصغير و الكبير. هذا الميناء جزء من 78 ميناء و محطة بحرية تتوزع على قارات العالم تمتلكها او تديرها شركة مؤاني دبي العالمية. لو نظرنا هنا لشركة مؤاني دبي اقتصاديا, فانها بادارتها ل 78 ميناء كانت عائداتها 4.163 مليارات دولار في عام 2016 ارتفعت 200 مليون دولار عن السنة 2015 بينما عام 2017 فهو اقل بحكم خروج السوق القطرية و وجود مؤاني متعددة, مثل الدقم في عمان, و ميناء غوادر في باكستان, و قطر و في ايران, و ميناء بورتسودان السوداني و غيره.

ارباح مؤاني دبي لم تصل الى مليار و 300 مليون دولار و هم 78 ميناء و محطة بحرية تتوزع على قارات العالم, و نحن معنا مؤاني بنيتها التحتية مخجلة, و كادر غير قادر على المنافسة, و اجنبي لن يعيش في بلد غير مستقر و حسب احلام الحكومة اليمنية من 2013 كان هناك مشروع تطوير ميناء عدن, كان من المقرر ان تتولى شركة صينية مهمة تعميق و توسعة حوض السفن و تركيب رافعات جسرية عملاقة و رافعة حاويات متنقلة و قاطرات عملاقة لنقل الحاويات لرفع قدرة المناولة حتى 1.5 مليون حاوية في العام بإضافة 500 ألف حاوية. اي هدفنا كان 2 مليون حاوية اي اقل من جبل علي ب 17 مليون حاوية و يطلع لنا تقرير يقول ميناء عدن سوف يحقق 75مليار دولار اقل عائدات.

المشكلة اليمنية معقدة و متراكمة تتمثل بالمشاريع الصغيرة, التي تمنع الاستقرار ,تتمثل بالقيادات التي لا تدرك عامل الزمن و فن الادارة و منهجية التنفيذ, تتمثل بانعدام مشاريع التعليم الصحيحة و تتمثل بانعدام مشاريع التنمية و استغلال طاقات المجتمع المختلفة, مما يجعل غيرنا في المنطقة يسبقنا بسنوات و ايضا تتمثل في الارتهان للخارج و التصور انهم يحرصون على بلدنا. و مختصر الموضوع اليمن فقيرة و قوتها تكمن في وحدة نسيجها وارضها و تنوعها و موقعها و بشرها, ان استثمرنا بتعليمهم صح و انطلقنا بتوازي لمشاريع البناء و التنمية, الباقي مجرد امور تكميلية.