نـداء لوقف الحرب!

إلى أصحاب الجلالة و الفخامة و السمو في البلاد العربية و الجوار والعالم أجمع , و إلى الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن والاتحاد الأوروبي.

نحن في اليمن نعيش من 6 سنوات حرب مركبة ومعقدة، حرب هجينة وغير منطقية لم نخترها لأنفسنا . إن نظرنا إليها عسكريا فقد قضت على اكثر من ربع مليون يمني من أبناء اليمن في اكثر من 30 جبهة قتال، و وصلت حتى إلى الأرياف، وأصيب فيها ما بين 25 إلى 35 الف شخص، الكثير منهم فقد قدميه بسبب الألغام المنتشرة, إننا نعيش ليس فقط حرباً عسكرية، وإنما اقتصادية، ومن 6 سنوات جعلت 85 % من السكان البالغ عددهم 30 مليون نسمة يحتاجون إلى مساعدات غذائية عاجلة، ولم يقف الأمر هنا، وإنما نعيش حرباً أهلكت مدخرات الناس، ودمرت الشريحة الاجتماعية ذات الدخل المتوسط، مما جعل الآن الكل فقيراً معدماً لا يجد قوت يومه، ولا قيمة الغذاء أو حبة الدواء الضروري للمرضى منهم ، وصار الجميع في حكم المديونين لاسيما بعد أن تم قطع المرتبات عنهم وعن أطفالهم من 4 سنوات، وأيضا فقد الريال اكثر من 300 % في مناطق الشرعية و 275% في مناطق كصنعاء، و اعرف أن ذلك غير منطقي, لكن أحببت أن أوضح لكم أن هناك مشكلة تدهور العملة اليمنية وانقسامها الى عملة قديمة وعملة جديدة بقيم مختلفة و التي يدفع البسطاء ثمن تدهورها, وحتى رجال المال والأعمال والاستثمار قد هاجر الكثير منهم من اليمن بعد أن انهارت الدولة كمنظومة قانونية وإدارية لا تجد حماية ذاتك و ممتلكاتك فيها.

إن تأثير الحرب لم يقف على الجانب العسكري والاقتصادي فقط، وإنما دمرت البنية التحتية وصنعت الأحزمة الأمنية والجماعات المسلحة التي صارت تقتل خارج نطاق القانون، وفرضت الجباية حتى على المساعدات التي من المفترض أن توزع داخل الوطن ، وأظهرت الحرب مناهج تعليمية مختلفة تهدم الهوية اليمنية الشاملة لبناء مجتمع متعايش مع بعضه البعض، كما أظهرت مشاريع ارتهان وتمزيق مختلفة لن يرضى بها أي منكم لبلده.

ولعل يبلغ إلى أسماعكم و تشاهده أعينكم،و أن يحرك ضمائركم و يلفت أنظاركم ان تشاهدون 3 مليون نازح مع أطفالهم لا يجدون حتى ما يسدون به رمقهم. ولعله يصل إلى مسامعكم أن المنشآت الصحية لا تعمل حتى بثلث طاقمها بعد أن دمرت الحرب 450 مستشفى ومنشأة صحية، ناهيك عن عدم توفر الكهرباء وغياب خطوط الإمدادات المائية أو تصريف مياه الأمطار والمجاري، الأمر الذي نشر الكثير من الأمراض التي يصعب التعامل معها.

انتم تتحدثون عن متوسط عمر شعوبكم ما بين 78 و 82 سنة ونحن قليل منا من يتجاوز الستون عاماً. إننا نموت بحرب لم يختارها الشعب اليمني وإنما تم إختطافه وإدخاله فيها وجعله يعيش حربا مدمرة ، تدمر أمام عينيه كل شيء ، شعب يعيش الآن امتهان في كرامته أو مصادرة حريته ولقمة عيشه وقطع راتبه وهذا ما جعل المنظمات الدولية تنظر إلى الحرب اليمنية أنها اكبر كارثة إنسانية في عصرنا .

اليوم نتحدث مع جميع أبناء اليمن وقد أصابهم الإحباط، و وصل الضرر إلى كل بيت، وصاروا على يقين من أن قرار إنهاء الحرب لم يعد بأيدي يمنية، حيث و الجماعات المتحاربة أصبحت هي المستفيدة من استمرار الحرب، وهذا ما جعلنا نعيش وضع شاذ، حيث نشاهد أن سوق العمل اليمنية متوقف وفي نفس الوقت يصل الى اكثر من 390 الف عاطل جديد لسوق العمل سنويا، فلا يجد إلا قطاعات الجماعات المسلحة والجبهات هي المنتعشة فكيف سوف تقف الحرب وأمراء الحروب يدفعون الناس للقتال؟.

إن ما يحدث قد أظهر بطرق شيطانية اقتصاد حرب تمثل في اختفاء مقومات استمرار الحياة والتسلط وظهور اسواق سوداء مما جعل المجتمع يواصل الانهيار ويتم تقاسم النفوذ و المال و يغذي ذلك بعض القوى الخارجية المساندة لها.

و لذا نجد أن مخاطبة العالم شيء مهم جدا لاسيما و توجيه النداءات إلى الداخل اليمني لم يعد مجدياً. أنتم ترصدون عبر المنظمات المختلفة أن الحياة توقفت في اليمن من 6 سنوات وان المغترب اليمني كداعم لبلده أيضا يعاني و القتلى يتدفقون إلى المقابر بالمئات و هناك حصار خارجي و حصار داخلي من مليشيات مسلحة لمدن يعرقل حركة الناس، و أيضاً وصول المساعدات الإنسانية إلى مستحقيها.

إننا نتوجه إليكم باعتبار اليمن تحت البند السابع وتحت مسؤوليتكم الدولية والقانونية والاخلاقية وباعتباركم قادرين على دعوة جمع اطراف الصراع اليمنية إلى طاولة الحوار الى دفع الجميع للسلام وايقاف نزيف الدولة اليمنية، و وضع حلول سلمية تحقن الدماء و تحفظ الأرواح و توقف الحرب العبثية في بلدنا بعد ان ساهم الكل بتدميرها بنسب مختلفة.