معين عبد الملك ونظام الصرف الصحي للفساد

امتلأت الصحف ووسائل التواصل الاجتماعي بتقارير حول قضايا الفساد بطلها معين عبد الملك والسفير السعودي لدى اليمن ، وأمام كل هذه الروائح النتنة لم يحرك مجلس النواب ولا رؤساء كتل الأحزاب في البرلمان ساكنا ، فالوثائق التي بين أيدينا تثبت تواطؤ رئيس الحكومة في قضايا فساد تمت بين بنك التضامن وشركة الكريمي للصرافة من جهة والبنك المركزي في عدن من جهة أخرى والتي قدرت بأكثر من ٢٠٠ مليار ريال يمني عن طريق المزاد بالعملات الصعبة مقابل الريال اليمني .

من الطبيعي أن نسمع في أي بلد من بلدان الربيع العربي عن وزير من النظام القديم أن يكون فاسدا ، لكن من المستغرب أن واحدا من الذين كانوا في الساحات يدعي أنه يحارب الفساد ويرفع لواء الثورية كمعين عبد الملك ، يتحول إلى بارون من بارونات الفساد ، حتى أضحى الفساد لديه أسلوب حياة وطريقا في التعاطي التي يكون طرفا فيها ، سواء كان وزيرا للأشغال أم رئيسا للحكومة ، فيوما تلو يوم تتكشف فضيحة فساد جديدة ، ولا مؤسسة إلا وطالتها يد الفساد ، فما بالنا حينما يكون معين فاسدا ماليا وعاجزا إداريا .

المزاد الذي تم بين بنك التضامن وشركة الكريمي للصرافة من جهة والبنك المركزي في عدن من جهة أخرى لا شك أن التسهيلات تمت من قبل رئيس الحكومة وبمساعدة السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر كون الريال السعودي والدولار الأمريكي تم تحويله من البنك الأهلي السعودي في المملكة العربية السعودية ، فقد ساعد هذا المزاد على تدفق بالمليارات من الدولارات والريال السعودي إلى جيوب السماسرة الذين يعملون تحت مظلة رئيس الوزراء والسفير ، إضافة إلى أن رئيس الحكومة رفض إحالة قضية الفساد إلى نيابة الأموال العامة .

تقارير الجهاز المركزي التي كشفت عن فساد بمئات المليارات من الريالات في ملف واحد ، هو ملف التلاعب بفارق الصرف ، لم تتطرق إلى الفساد في مؤسسة الجيش التي تعاني من الجنود الأشباح غير الموجودين فعليا ، ما أتاح اختلاس الرواتب ، هذه التصرفات دمرت الجيش ، وأحرمت الجنود المرابطين في الجبهات من مرتباتهم لشهور عديدة ، إن عملية احتساب ما تم سرقته من اليمن ليس بالأمر اليسير ، إضافة إلى عشرات المليارات التي دفعت باسم الإعمار والخدمات الأساسية كالكهرباء والماء والصحة والتعليم والطرقات ، التي تحولت إلى وسيلة لغسيل الإعمار والتي يشرف عليها السفير السعودي آل جابر .

وإذا ما توقفنا أمام مؤسسة البريد المعطلة والتي يفترض أن توكل إليها الحكومة صرف مرتبات الموظفين والمتقاعدين وتسليمها لشركة الكريمي للصرافة ، فسنعلم حينها كيف جعل رئيس الحكومة من الفساد آفة يصعب مواجهتها ، فالأمر لا يتوقف أمام عشرات المليارات التي دفعتها الحكومة كمرتبات عن طريق الكريمي ، بل يتوقف على غياب الرقابة التي تساعد على سرقة الملايين من الدولارات باسم موظفين وهميين ، هذه الآلية ستجعل أشخاصا احتالوا على بلدهم بالملايين أن يصبحوا مالكي بيوت فخمة في لندن أو باريس أو سويسرا .

هذه التقارير تضع المسؤلية كاملة على عاتق رئيس الجمهورية في تكليف رئيس جديد للحكومة دون الاعتماد على دول التحالف ، التي أثبتت الأحداث أنها متورطة بعمق ، ليس فقط في إصرارها على تكليف معين عبد الملك ، بل في تقديمها الأموال التي تساعد على بقاء الوضع على ما هو عليه .