الإمارات والإصلاح : تحالف علني وصراع سري

اعلنتدولة الاماراتموقفها واجندتها في اليمن في وقت مبكر، توسعها في الساحل الغربي، افصح علانية عن اهدافها العسكرية، ومؤخرا جاءت عمليةالرُمح الذهبيدليل قوتها على الارض، وفاعليتها في تحريك حلفاء الداخل، مقابل  هذا يظهر طرف محليحزب الاصلاح”  يحالفها علانية، ويرفض مشروعها سرا.

خرجت الامارات من ثكنتها الجنوبية وأظهرت خارطة عمليةالرُمح الذهبيتقدمها  على المدن الساحلية الغربية، والتي تسيطر عليها مليشيا الحوثي منذ انقلابها منذ اكثر من عامين، خاصة باب المندب وميناء المخا.

العملية جاءت بقيادة امارتية للمقاومة الجنوبية، والتي تقوم لاول مرة بعمليات عسكرية خارج حدود الخارطة الجنوبية، وباقصاء متعمد لحلفاء الداخل من المقاومة الشمالية، والتي تتركز فيتعزويشكل حزب الاصلاح الاسلامي قوامها الغليظ.

هذا الاقصاء الاماراتي للاصلاح، قوبل من جهة الاصلاحبتجاهل اعلامي”  لعملية الرمح الذهبي، ولكن لم تنس الامارت وهي تحارب الحوثيين، ان تشن  هجوما  على الاصلاحيينالاخوان المسلمين في اليمن”.

ففي وسط غبار العملية العسكرية للسيطرة على الساحل الغربي لليمن، شن الاعلام الامارتي هجوما جديدا على حزب الاصلاح الاسلامي، لوح فيه مجددا بالادلة التي تثبت تورطهم بدعم داعش في اليمن.

 هذه المرة ثلاث تهم رئيسية وجهتهاالاماراتلخصمها اليمني: “الابتزاز السياسي والمالي في ملف تحرير تعز، دعم داعش والقاعدة في الجنوب، وعدم جديته في التحالف ضد الحوثيين في الشمال،  بل والذهاب للقول انهم يحاربون في صفوف الحوثيين”.

هذا الاتهام الاخير اثار جدلا وسخطا واسعا، وسط غبار العملية العسكرية التي تشنها الامارات حاليا، وأكدت الامارات انها تملك ما يؤكد وجود مقاتلين من حزب الاصلاح في صفوف الحوثيين.

القتال مع الحوثيين

الاتهام الاماراتي للاصلاح بالقتال مع الحوثيين كما نفهمه، لا يعني القتال المباشر بين صفوف الحوثي، او تحت قيادته العسكرية الميدانية، ولكنه اتهام يعني بلغة عسكرية  “القتال بنفس الخط الذي ينتهجه الحوثيون”  اي ضد مصالح التحالف، او الامارات وتوسعها العسكريالبري.

هذا ما يمكن فهمه من الاتهام، وهو تضارب المصالح العسكرية للامارات من جهة، و كشريك اساسي في التحالف العربي، بالحرب على الحوثيين في اليمن ، وحزب الاصلاح من جهة اخرى ، كحزب يمني يقاتل ايضا ضد الحوثين.

فبرغم  اشتراكالاماراتوالاصلاح”  في هدف واحد وهو سحب بساط السيطرة العسكرية من تحت اقدام مليشيا الحوثي،  في المناطق الشمالية، الا ان اجندة الامارات الواضحة جدا، لايستسيغها الاصلاح ، ان لم يكن يعمل ضدها سرا.

 وهي اجندة تتلخصبفصلالمناطق الساحلية الغربية والجنوبية ، واخضاعها لسيطرتها، ودعم الجماعات الجنوبية ، وهذا واضح من تركيزها العسكري على عدن كميناء، ومدينة، منذ اكثر من عام،  وحاليا العملية التي هدفها السيطرة على المدن الساحلية الغربية .

في وقت يرى فيه حزب الاصلاح ، ان هذا يعد دعما مباشرا للمقاومة والفصائل الجنوبية، والتي يتهمها الاصلاح بمحاولةالانفصالواعلان دولة جنوبيةوهذا  محور صراع قديم بين الاصلاح والجنوبين، حيث يجد الاصلاح ان هذا يقلص من تواجده وتاثيره في الجنوب، بعد  أن  عزز من  تواجده  عسكريا وسياسيا، منذ السيطرة على الجنوب بعد حرب 1994 بالتحالف مععلي عبد الله صالحوقتها، وهو ما يراه الجنوبيون حتى اليوماحتلالا شماليا”.

التصعيد الاماراتي الاخير ضد حزب الاصلاح، يؤكد ان عُقدة  الجنوب هي من تحرك الاصلاح ضد تحركات الامارات، وتراه الامارات موجها ضدها مباشرة. “برغم انهما يقاتلان في جبهة واحدةوهنا يُثار التوقيت، توقيت الهجوم الصحفي ضد الاصلاح باتهامهم المباشر انهم يحاربون مع الحوثيين في صعده.

فالمناطق التي تسعى الامارت للسيطرة عليهابرياوهي تحت سيطرة الحوثيين حاليا، تقع على تخوم صعده، في الشريط الساحلي الغربي، وهي تعطي بذلك السطوة العسكرية للمقاومة الجنوبية ، وهو ما يعد ضربة للاصلاح، حيث تخرج هذه المناطق من سيطرة خصمه الشماليالحوثيالى سيطرة خصمه الجنوبيالمقاومة الجنوبية”.

هنا كان رد الاصلاح هادئا ملتزما بمحاولة تخفيف الصراع مع الامارات، وقد حاول فهم اسباب هذا الهجوم المتواصل منذ اكثر من عام، واقر بشكل غير رسمي ان عليه مراجعةايديلوجيتهوارسال تطمينات سياسية للامارات، بانه لم يعد ذلك الحزب المتطرف، والذي يدعم الارهاب، حتى وان قال تاريخه عكس ذلك، ولكن يبدو ان الامارات لا تحتاج هذه التطمينات.

 غير ان الامر لا يتصل فقط بعلاقته بالجماعات الاسلامية المتطرفة، وهي خصم الامارات الاكبر، بل بكون هذه الجماعات هي الخطر الحقيقي على اي سلطة في الجنوب، كونها خارج المعادلة السياسية.

فان تم تسوية الامر مستقبلا مع الحوثيين سياسيا، فان هذا لايشمل جماعات القاعدة، والتي يتهم  الاصلاح من قبل الامارات بدعمها.

 

لقمة سائغة

الاتهامات الاماراتية والهجمات الاعلامية علىالاصلاحيمكنها ان تستمر، ولا يمكن توقع رد اصلاحي مفحم للامارات ، يثبت عدم تورطه بدعمداعشفي اليمن،  فالاصلاح لم ينتهج طريقة الردالعلنيعلى الهجمات الاعلامية الاماراتية، ودائما كان رده ينتهج مبدأ التهدئه، محاولا التقرب لتقريب وجهات النظر، وهي خطوات قُرنت بخيبة ثقيلة.

حتى ان الردود المبهمة من قبل قياداته، وهي تصريحات غير رسمية، لاتأتي مشبعة تماما للحالة التي يعيشها الاصلاح، الذي يشعر بتهديد سياسي حقيقي، وانه يمكن ان يكون لقمة سائغة.

فرئيس الهيئة العليا للاصلاحمحمد اليدوميلم يُعرف عنه اي تصريح يرد به على التهم، وكذلك اي من قيادات الاصلاح،  المقيمة حاليا خارج اليمنالدوحة واسطنبول، وهنا تُعرض وجهة نظر الاصلاح التي يكررهااليدوميبلغة مبهمة تفتقد للصراحة والجرءة في الطرح ، وتتخلصنظريته”  بوجود الطابور الخامس، الذي يتحرك على المستوى الاعلامي والقرار السياسي.

 

عزل  تعز

فالاصلاح يروج لفكرة ان هناك من يريد ضرب علاقته بالتحالف، في وقت مازلت علاقته بالتحالف مبهمة، فالامارات ترى من جهتها  انه ينفذ اجندةاخوانية”  في اليمن، بدعم قطريتركي، حيث لا تتواجد قطر بشكل صريح في اليمن،  وبذلك يُصنف  الحزب اليمني في صراع المحاور الاقيلمية ، في محور تعتبره الامارات خصمها الاساسيالاخوان المسلمين”  ولذلك قد لا تُرجح ان تتفق معه في اليمن.

هذا الخلاف الاماراتيالاصلاحي، يمتد الان ليخرج من ثكنته الجنوبية، الى السواحل الاستراتيجية الغربية على البحر الاحمر وباب المندب، مما يعني فعليا عزلتعزوداخلها الاصلاح او مقاومة الشمال، وفرض السيطرة الجنوبية- العسكرية على المنافذ البحرية الشمالية.

 وحصر الاصلاحيين فيتعز″  دون منفذ مائي، وفقا لخارطة التوسع والصراع، يثير الغضب والحنق الاصلاحي، ويؤكد ان الخوف الاماراتي منهم يدعوها لاقصائهم ميدانيا، وتقليص نفوذهم وقوتهم، فكيف يمكن توقع مستقبل هذا الصراع الخفي بين الحلفاء، خاصة وان منطقة باب المندب الاستراتيجية ليست محل نقاش من قبل الامارات التي تنشط عسكريا في هذه المنطقة، وتُثبت يوميا تواجدها العسكري في الدول المجاورة لباب المندب.

  • نقلاً عن " رأي اليوم "