العالم يتكالب علي اليمن … واخرهم ترامب

البنتاجون سيزيل قفازاته في اليمن، عبر العمل بحرية في الساحة اليمنية، ثم اظهار العين الحمرا لهذا البلد، بعد التوغل الايراني فيهبحسب ما ورد في مجلةفورين بوليسي، يمكن اعتبار ذلك اعلان حرب في اليمن، وان اليمن على موعد مع العين الحمرا لترامب.

هكذا يُظهرترامبانه جاد في حربه على الارهاب، وتهديده لايران معا، بتوجيه اولى عملياته العسكرية للبلد الاضعف في المنطقة، والمنتهك، والذي يعمل فيه الكل بحرية، فتبدا مسرحية عودة القاعدة، بالتزامن مع عودة العمليات الامريكية،  بدون قفازات طبعا.

فالليلة الماضية انسحب الجيشالقوات التابعة لهاديمن مدينة لودر في ابين جنوب اليمن، وسُمح للقاعدة بالانتشار في المدينة تحت غطاء الليل، وترك المدينة مكشوفة للمواجهة بين الاهالي والقاعدة. سيناريو قد يتجدد كلما حان وقت استخدام القاعدة. وها قد حان الوقت.

هكذا فجاة اعلنت القاعدة عن عودتها الى مدينة ابين، بعد اشهر من الحديث عن دحرها في الجنوب، بعد عملية قادتها السعودية والامارات، في وقت تعود فيه المدمرة الامريكية للتمركز قرابة السواحل اليمنية وباب المندب بعدغياب 16 عاما، منذ ضرب المدمرةيواس اس كول”  من قبل القاعدة، في عملية دشنت عملياتها ضد التجمعات العسكرية الامريكية، وبدات فيه الحرب الامريكية على القاعدة في اليمن.

ها هي المدمرة الشهيرة عادت الى مواقعه اقرب السواحل اليمنية، معتزا من عودة القاعدة، واعلان تواجدها وانتشارها، بينما الرئيس الامريكي الحاليترامب”  يستقبل جثامين الجنود الذين سقطوا قبل ايام في اول عملية عسكرية قامت بها امريكا، منذ توليه في مدنية البيضا اليمنية، واعترفت بسقوط اطفال .

اذن، حربترامببدات، ونقطة انطلاقها من اليمن، البؤرة التي ستبقى هي الاهم والاكثر اشتعالا في المنطقة، وبالنظرالى (لعنة الجغرافيا) كما يطلق عليها اليمنيون، فان باب المندب كلعنة استراتيجية، يجلب كل هذا الدمار للبلد المدمر، بعد اعوام من الحرب الاهلية، وعامين من العدوان الخارجي.

الى جانب لعبة ترامب الجديدة، وهي ابتزاز الخليج وخاصة السعوديةمن خلال التصعيد العسكري ضد الارهاب في اليمن، والتهديد الاعلامي لايران.

فترامب الان سيدافع عن السعودية ضد التوغلالايرانيفي اليمن، كما سيحارب القاعدة، وبذكر التوغل الايراني اوالحوثي في اليمن، علينا العودة الى العام 2014 والى الوقفة الشهيرة لهادي في قلب مدينة عمران المتاخمة لصنعاء، حيث اعلن بثقة سيطرة الدولة على المدينة التي تعد عاصمة القبائل وال الاحمرشيوخ حزب الاصلاح الاسلامي” .

يجب العودة دائما الى هذا التاريخ، حين كان كل الاعلام ينقل عنعبد ربه هاديعباراتسيطرة الدولةبما فيها اعلام الاصلاح وحت ىقناة الجزيرة.

وتم التكتم الشديد على حقيقة سيطرة الحوثيين العسكرية على المدينة، وعدم وجود ايم ظاهر لتواجد الدولة، واليوم يكرر ذات الشيء مع المدن التي تسلم للقاعدة في الجنوب. كما حدث في ابين.

والان لم يكن ينقص اليمن الاترامبفبعد اقل من عشرة ايامدشن اولى حروبه في اليمن. البلد الاسهل لاي اهداف عسكرية.  هكذا ببساطة، جددت امريكا عقد حربها على اليمن،  و هذه المرة تعود، بعد تغيرات جذرية في الخارطة السياسية، والميدانية، فلم يعد البلد يتحمل المزيد من الكوارث الحربية- الانسانية . حيث لم تعد الطائرات الامريكية وحدها من تحلق في الاجواء وتقصف البيوت.

فقد اوصلت الحرب اسوأ طبقة انتهازية للحكم باسم الشرعية، وفرضت حكم المليشيات في المدن اليمنية، وهدمت الاسس التنموية للبلد النامي، وخرجت بكارثة انسانية ،لا يتولىاحد السيطرة عليها.

تعود امريكا بمدمراتها الحربية، على السواحل اليمينة، وطائراتها الحربية، وقوات المارينز ووحداته الخاصة، في وجود حكومة تشرع لها  فعل ما تريد.

البلد مستباح، امام الاهداف الخارجية والداخلية على حد سواء، لهذا من السهل ان يبدأترامب”  عهده الرئاسي بعمليات عسكرية في اليمن، ويدشن اولى حروبه في البلد المستباح. حيث سقط الاسبوع الفائت فيمدينةالبيضاعشرات الاطفال في عملية وصفت بالنوعية، ضد شخصيات اجتماعية يمنية  متهمة بالانتماء للقاعدة.

 

حكومة 140 حرف

قتل خارج القانونهي التغريدة التي اكتفى بها وزير خارجية حكومةهاديبالتعليق على عملية البيضا، هكذا باقل من 140 حرف  في تويتر يعلقعبد الملك المخلافي”  عما يدور في بلده من كوارث وقتل ، ولم تعلق الحكومة اليمينة تعليقا سياسيا- رسميايليق بحجم الحدث. ولو من باب رفع العتب. واكتفت بالخرس المعتاد.

كيف تعلق وهي   حكومةمحبي السلطة، وليست حكومة وطنية تسعى فعلا لاستعادة الدولة كما تدعي، هذا الخداع الكبير الذي يروج له الاعلام، يتناسى ان هذه المجموعة الانتهازية، هي من سلمت البلد للحوثيين،  ثم استدعت السعودية والخليج لضرب البلد، والان تفسح المجال لتوسع القاعدة، وترحب بالحرب الامريكية على اليمن.

 

تسليم اليمن لحرب خارجية

مما افخر به في مسيرتي المهنية المتواضعة اني كنت الصحفية التي اثبتت بالدليل  انعمرانخرجت عن  سيطرة الدولة، وان الحوثيين هم من يسيطرون عليها، وانهادي”  وحكومته واعلامه يكذبون، ومن ضمنه اعلام  حزب الاصلاح الاسلامي،  الذي لم يجروء وقتها ان يعلن ذلك برغم ان وزارة الاعلام وقتها كانت حقيبة اصلاحية.

 اليوم كيف يمكن ان نثق ونصدق ذات الحكومة وذات الرئيس وذات الاعلام، وهو يبرر للحرب الامريكية القادمة على اليمن، ويسلم المدن للقاعدة.

في اليمن، ان عارضت العدوان السعودية على بلدك، فانت حوثي، ايراني رافضي، مجوسي، والان ان عارضت الحرب الامريكية، فانت بالتاكيد قاعدة، داعشي، ارهابي. فليكن اذن ، نحن الارهابيون، الدواعش،الروافض، المجوس، الذين نرفض الحرب على بلادنا. بلادنا التي لم تعرف السلام.

فهذا البلد  لم يعرف سنوات السلام،  في تاريخه، فلا يمكن وضع تاريخ محدد للحرب في اليمن، وان كان مارس 2015 هو فقط تاريخ بدءعاصفة الحزمفان تاريخ الحرب اليمنية، والصراع اليمني،  يعود الى قبل هذا التاريخ بسنوات وعقود.

والان، تعود الحرب القديمة- الحديثة، حرب امريكا على الارهاب، التي دشنهاعلي عبد الله صالح، في عهده، وباركتها سلطةعبد ربه هادي”  بعده.

 فاول عملية امريكية لقتل يمني خارج القانون كانت في مارب 2002 وكانت  بموافقة الحكومة اليمنية- في عهد بوش الابن- وكانت  اول انتهاك امريكي للسيادة اليمنيةالفقيدةواثارت جدلا وصخبا محليا واسعا بات مفقودا  اليوم.

واستمرت العمليات في 2009 والى  2011  واكدها بعد ذلكهادي”  في 2013 حين  انفرد بتصريح فريد من نوعه  عن الطائرات بدون طيار التي تقتل اليمنين قائلا ببلاهه  “انها اعجوبة فنية

هذا التخاذل الرسمي، السياسي، اليمني لتسليم اليمن للمليشيات المختلفة المتقاتلة فيما بينها، كما يحدث  الان في تعز وعدن،  وقبلها صنعاء وعمران وصعده، وايضا فسح المجال لنشاطات القاعدة ، ثم استجلاب الخارج لحرب الحوثيين والقاعدة معا، هو خيانة رفيعة المستوى، خيانة  لم يسبقنا لها احد.

ان اليمن مبتلى بهذه الكتلة الانتهازية، من محبي السلطة والمال، انها  اسوأ طبقة  سياسية عرفها اليمن، طبقة اوصلتها الحرب، او الحروب المتكررة من التسيننيات حتى الان.

 

هادي اول من اسقط الدولة

فهادي”  قفز الى راس السلطة ، بعد ان شاركصالحبحربه  على الجنوب 1994-  وبعد اجتياحعدن، الحرب التي دمرت الوحدة بين الشمال والجنوب

يجب دائما تذكير القارئ والمتابع، بتاريخ  هذه الزمرة السياسية التي تدعي الشرعية، وتدعي استعادة الدولة،  وكانت هي اول من فرط بالدولة،وسيادتها، واسسها الديمقراطية، وتلاحمها الاجتماعي، قبل تحليق الطائرات الامركية والسعودية.

فالعدوان الخارجي ماهو الا حصيلة هذه الخيانة السياسية- التاريخية من قبل عدوان الداخل، والان باسم استعادة الدولة يتم التشريع لحكم الطبقة الانتهازية، كما يشرع الامر الواقع لحكم المليشيات والقاعدة، ثم نسال لماذا جاءت طائرات العالم الحربية من كل اصقاع الارض تضرب هذا البلد الصابر، المكابر، لماذا تكالب عليه العالم، واخرهمترامب

 سؤالنا المشروع، يحتاج لاجابة من نوع، قل لي من في راس السلطة ، اقول لك لماذا يحدث كل هذا.