في حروب الأخوة لا تسقط المدن بل الأخلاق !

الخطبة الأولى (حوار بين أخوين يمنيين)
سأنقل لكم حوارا بسيطاً مقتضباً مؤلماً ومحزناً بين أخوين:
الأول: أنت رافضي.
الثاني: وأنت ناصبي.
الأول: أنت كافر.
الثاني: وأنت منافق.
الأول: أنت خائن وعميل لإيران.
الثاني: وأنت أيضا خائن ومرتزق وعميل للسعودية.
الأول: أنت حوثي تستحق الذبح والسحل.
الثاني: وأنت داعشي داخلك يهودي والموت لك ولأسيادك أمريكا واسرائيل.
الأول: سنقاتلكم حتى نفنيكم ونطهر الإسلام من رجسكم.
الثاني:ونحن سنقاتلكم حتى يوم الدين والله معنا وناصرنا.

نعم هذا مثال بسيط لحوار بين أخوين يمنيين، فرقت بينهما مذاهب الفتنة والزيف والدجل والكذب على الله، وملأت قلبيهما حقدا وغلا وكرها ضد بعضهما حتى أستحلا دماء بعضهما البعض وعجزا عن التعايش مع بعضهما في وطن واحد، بينما هما مستعدان أن يتعايشا مع انسان آخر في دولة أخرى فقط لأنه يؤمن بمذهبهما وعقيدتهما التي يبرأ منها دين الله الجامع بين البشر.

وبعد هذا كله يأتي من كلا الطرفين من يستحمر عقول البسطاء ويسخر من عقول الشعب ويقول لهم أن ما يحدث في أرض اليمن من سفك للدماء وسقوط للأخلاق وانعدام للإنسانية هو قتال من أجل استعادة السيادة الوطنية وتمهيدا لقيام الدولة اليمنية الحديثة التي سوف يتعايش فيها الجميع.

سبحان الله كيف تكذبون!

من يعتقد أنه سوف يقضي على أخيه في الوطن مهما كان مختلفا معه فهو واهم.

ومن يظن أنه سوف يصحو من غفلته ليجد أن أخيه في الدين قد تبخر وتلاشي فهو أحمق.

لن يكون هناك حل في هذه البلاد إلا برفض كل مشاريع المذهبية والطائفية والمناطقية والعصبيات المقيتة وتجريم كل الأجندات الخارجية واقرار مشروع وطني جامع يؤكد على قيم التسامح والتعايش بين جميع أفراد الشعب وتحريم الإتجار بالدين من أجل تحقيق مكاسب سياسية أو مالية أو سلطوية والسعي الصادق نحو اصلاح ذات البين ونبذ مشاريع الفرقة والأحقاد والتي ليست من شيم وأخلاق المتقين ولا المؤمنين برب الناس.

قال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) الحجرات آية 10.

الخطبة الثانية:

(في حروب الأخوة ينتصر العدو لا الوطن)

في حروب الأخوة داخل الوطن الواحد لا تسقط المدن بل تسقط أخلاق الأخوة المتصارعين، ولا ترتفع رايات النصر والظفر بل تنكس وتسقط رايات الوطن، ولا يهتف بشعارات الوحدة والتكاتف بل تعلو دعوات التفرقة والتشرذم، ولا تضعف قوات الميليشيات بل تضعف وتنحل وتنهار قوات جيش الوطن، ولا تتفكك الأحزاب والجماعات بل يتفكك ويتفتت نسيج ووحدة المجتمع، ولا تسكت أصوات المدافع والبنادق بل تسكت وتموت دعوات التعايش والتسامح بين أبناء الوطن، ولا تشحن البنادق رصاصا بل تشحن نفوس الأخوة حقدا وغلا وكرها، ولا يقتل الأمراء والقادة والزعماء بل يقتل الفقراء والأبرياء والبسطاء، ولا تزدهر مؤسسات الدولة بل تزدهر وتنمو مشاريع ومؤسسات تجار وأمراء الحرب الخاصة، ولا تبنى الحدائق والمدارس بل تبنى المدافن والمقابر، ولا ينتصر الوطن بل ينتصر عدوه الخارجي الحاقد العفن.

ألا يا أهل اليمن يا أهل الحكمة والإيمان كونوا أهلا لهذه المقولة العظيمة من رسول كريم، وإلا فإنها ستكون وصمة عار في جبينكم، لذلك قولوا تبا وبعدا لكل عقيدة أو ملة أو مذهب أو فكر أو جماعات أو أحزاب تريد أن تفرق بين الأخوة وتسفك دماءهم تحت عناوين ظاهرها ديني كاذب وباطنها مصالح وأموال وسياسات قذرة،  فدين الله منها براء من كل عصبية وأحقاد وعداوات لأنه دين التسامح والتعايش بين الخلائق فما بالكم بأخوة في الدين والوطن والإنسانية، ألا فمدوا أيديكم إلى أيد بعض وتصافحوا وأفشوا السلم والسلام والمحبة بينكم وأحبوا الخير لأخوانكم تجدوه عندكم وتبرأوا من كل ناعق زاعق بشعارات الفتنة بينكم عندها ستسقطون كل المؤامرات التي تريد تفتيت جمعكم واقتسام أرضكم ونهب ثرواتكم ليسهل لها حكمكم، وسنكون بألف خير عندما يكون وطننا بخير وسنبني حضارة عظيمة يشهد لها الثقلين.

قال تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) إل عمران آية 103.

وأقيموا الصلاة وأجعلوا بيوتكم قبلة حتى يعود بيت الله لله وحده يذكر فيها اسمه ويؤمر فيها بالعدل والإحسان ومحبة الإنسان ويرفض من على منابرها الفساد والظلم والطغيان وتخرج منها جماعات التجارة بالأديان من أجل خدمة السلطان، وتسقط من على مأذنها دعوات الموت والقتل والحرب والكراهية والحقد والزيف والبهتان.