سورية الجريحة تتضاعف جراحها

 إنها لحظات مؤلمة وحزينة عشناها ومازلنا نعيشها مع أشقائنا في سورية بتفاصيلها المرعبة والمؤلمة وأوجاعها وأحزانها، لحظات تعيش فيها قلوبنا وجوارحنا وأجسادنا هذا الألم وهذه المعاناة، نشاهد حجم المأساة التي خلفها الزلزال وكأنها ظلمات بعضها فوق بعض وجراحات تضاف إلى جراحات سابقة وحصار ظالم وتجويع انتهجته السياسة الصهيو أمريكية من خلال قانون قيصر ومن ثم قانون الكبتاغون.

 لتأتي هذه الكارثة الطبيعية والمؤلمة  فتجعل القلب يعتصر ألماً أمام هذا المصاب الجلل والصدمة الأليمة التي تقف أمامها الإنسانية المزيفة  عاجزة عن التعاطي معها وتقديم المساعدات تحت مبرر قانون قيصر، ومع ذلك لل تخلو البشرية من الإنسانية الحقة ووازع الأخوة والضمير الحي ليبادر الأشقاء العرب وغيرهم متحدين قانون قيصر الإجرامي ويقدموا ما استطاعوا من المساعدات والدعم، لقد بلغ الألم والحزن مبلغه حتى عجزت الكلمات عن التعبير عنه أمام مشاهد المأساة، إنها سورية يا عرب التي قدمت كل التضحيات لتبقى العروبة بكرامتها وعزتها.. إنها سورية التي لم تترك قطراً عربياً يمر بمحنة أو كارثة إلا وكانت هي في مقدمة المبادرين.

إنها سورية التي لم تلتزم بأي معاملة بالمثل لدخول العرب إلى أراضيها بالفيزا بل يدخلونها بسهولة كأنهم يدخلون أقطارهم وبلدانهم معززين ومكرمين، فهل تستحق كل هذا الجفاء وكل هذا الجور؟ سورية التي تواجه الكارثة بإمكانياتها المحدودة إن لم تكن المعدومة بعد تعرضها لحرب إرهابية وحصار لأكثر من عشر سنوات لتأتي هذه الكارثة الطبيعية وتكمل ما تبقى، ولم ينتهِ الموقف هنا بل مازالت سورية تقدم لنا الدروس والعبر وتكشف للعالم أجمع تلك الشعارات التي تتغنى بها دول الغرب في الدفاع عن حقوق الإنسان والحرية الزائفة التي تريد تصديرها لنا وتدمر شعوبنا على وهم هذه الحرية، فهاهو موقف الغرب ومن لف لفهم  من العرب في تجاهل تام للمأساة والكارثة الكبيرة التي حلت  بسورية..

فلم يهتز لهم ضمير ولم تتحرك مشاعرهم نحو سورية، بل افصحوا مجددا عن قبح أخلاقهم وحقدهم نحو هذا القطر الصامد وهم بهذا السلوك يثبتون للسوريين جميعا وللعرب ولكل العالم أنهم يريدون التخلص من كل السوريين لأنهم يروا في كل سوري عدواً لهم لأنه يمتلك ثقافة وقناعة بأن سياسة الغرب كلها تصب في مصلحة الصهيونية ولأنه يعرف مشاريعهم العنصرية التدميرية، لأن سورية لقنت المستعمرين دروساً لن ينسوها، لذلك فواقع الإنتقام لا ينتهي بالنسبة لهم، وما نراه من الإعلام الغربي والعربي الموالي لهم في توظيف هذه الكارثة الإنسانية سياسياً أمر مفروغ منه، فهذا النهج قد تعودنا عليه ولم يعد ثمة من يصدقه أو يتأثر به حتى القائمين عليه الذين يؤدون وظيفتهم بمقابل وليس بقناعة فرسالتهم جوفاء خالية من المنطق وكل القيم الإنسانية.

سورية “الله حاميها” والشكر لكل الأشقاء الذين قدموا المساعدة.. 

والعون لهذا الشعب الجريح.

*دبلوماسي وسياسي يمني