الأزمة اليمنية في حوارات مساحات تويتر!

 طرح العديد من  المساحات الحوارية في تويتر بما يخص الازمة اليمنية من عدة جوانب مثل الهوية اليمنية "(اقيال وهواشم، ايمانية والوعل وغيرها )" ومساحة حول شكل(النظام جمهوري او ملكي) ومساحة تخص طبيعة الحكم (اسلامي او علماني) ومساحة تناقش وضع (الحرب والسلام) وعدد من المساحات تناولت المناطقية على مستوى الجنوب والشمال والمناطق الوسطى وتهامة وحضرموت وغيرها واخذت نقاشات واسعة وما زالت مستمرة.

ما اريد طرحه هنا ان ليس  للفكرة أي علاقة بالموضوعات التي تُطرح مالم تستمد منها مباشرةً المفاهيم التي بموجبها يمكن أن نصل لتشخيص المشكلة ومن ثم البحث عن حلول جذرية ضمن تصورات معطاة من مصادرنا المعرفية المختلفة، التي تشكل وعياً يمكن من خلاله وحده أن تعين علاقتنا ببعضنا البعض تعييناً صحصحاً. 

و السؤال الذي يُطرح قبل أي معالجة لتصوراتنا هو: ما القدرة المعرفية التي يمكن من خلالها تشخيص الوضع الحالي؟ ثمة الكثير من الأحكام التي نسلم بها بحكم فعل العاطفة أو الإنتماء المناطقي أو المذهبي أو السياسي والفكري أو نربطها بفعل الميل، حيث أنه لا يسبقها أو لا يليها على الأقل، أي تفكير على سبيل النقد، فإنها تعد أحكاماً أصلها في الفاهمة.

وليست كل الأحكام بحاجة إلى فحص، أعني إلى انتباهٍ لمبادئها وصدقها لأنها عندما تكون يقينية نابعة من الواقع التشخيصي الحريص على المصلحة الوطنية المتجردة من كل الإنتماءات الضيقة دون توسط مثال (بين نقطتين لا يوجد سوى خط مستقيم واحد) لا يمكننا أن نشير بصددها إلى علاقة للحقيقة أقرب من تلك التي تعبر عنها. ومع ذلك فكل الأحكام، بل كل مقارناتها هي بحاجة إلى تفكير، أي أن نميز بين كل المراحل التي مرت بها البلاد وتقييم تجاربها مع كل المكونات التي امتلكت القرار وخضعت للتجربة، أين نجحت؟ وأين أخفقت؟ وهل بإمكاننا أن نجرب المجرب من جديد، أو نستلهم تجربته إذا كانت ناجحة؟ أعني أنه يجب علينا أن نميز بين كل التجارب والمفاهيم التي يجب علينا من خلالها وضع المعالجات والأخذ بما هو أفضل من بين كل التصورات.

وقبل إصدار أحكام موضوعية، نقارن التصورات المطروحة كي نصل إلى الهوية الحقيقة التي أصبحت موضع خلاف، سببت شروخا في النسيج الاجتماعي، ولم تكن من قبل موضع خلاف ولكن تداعيات الأزمة التي خلفتها الحروب وفتح الأبواب للتدخلات الخارجية، استدعت طرح هوية جديدة اعتمدت الجهات التي طرحتها على العاطفة الدينية، بينما الهوية اليمنية العروبية في الأساس تستوعب مختلف الهويات المتناقضة فلا مجال أن نخوض في زاوية ضيقة تبعدنا عن المسار المستقيم للوصول إلى الهدف الذي يوصلنا إلى تحقيق السلام وبناء دولة النظام والقانون التي تستوعب كل التنوعات وتحفظ لكل المكونات حقوقها وحقها في ممارسة سياساتها ومعتقداتها وأفكارها ومذاهبها وممارسة حقها في الديمقراطية السلمية وعدم اللجوء للقوة. 

ما يحز في النفس هو أن نجد المساحة تحمل الجغرافيا المشكلة وتداخل المذهبية والمناطقية مع أن المشكلة ليست هنا ولم تكن في الشمال أو الجنوب أو الوسط، المشكلة تكمن في هشاشة الدولة ونوعية النظام، الأمر الذي يحتم علينا هنا أن نبحث عن صيغة جديدة لطبيعة النظام والانطلاق من النقاط الإيجابية التي حققها الحوار الوطني الشامل واستكمال المرحلة بحيث أن لا نبدأ من الصفر ونظل نراوح في المكان ذاته، يجب التفكير بعمق لأننا أمام إشكالية معقدة ما بين الوعي لاستيعاب التغيير في ظل مجتمع منغلق غلبت عليه العاطفة الدينية نتيجة معرفة سطحية استغلتها المكونات الدينية لتحقيق أيدولوجياتها بعيداً عن المصلحة الوطنية العليا وتحقيق العدالة الإجتماعية والحكم الرشيد، علينا أن نضع في أولويتنا العمل على تعميق الوعي الوطني الذي من شأنه أن يعزز ثقافة التغيير نحو الأفضل، وإن فصل الدين عن الدولة هو للحفاظ على الدولة والدين أيضاً ويعزز من ثقافة الفرد والمجتمع وتقبله للآخر وتعايشه ضمن مجتمع عالمي منفتح على كل الحضارات يواكب التطورات، علينا أن نوظف هذه المساحات للتوعية وإيجاد الحلول للتوصل إلى سلام شامل ودولة يتعايش فيها الجميع.

*دبلوماسي وسياسي يمني