الإتفاق السعودي الإيراني.. إنطلاقة لتسوية العديد من الملفات في المنطقة

تُشكلُ إعادة العلاقات بين السعودية وإيران تحولاً مهماً فيي العلاقات الدولية وفي إعادة تموضع الجيوبوليتيك العربي الإيراني، كما أنها تعدُّ رافعة قوية نحو عالم متعدد الإقطاب ليصبح بذلك للعرب دور محوري قد يقود إلى استقرار المنطقة ويُحدِثُ تغيرات إيجابية بعد ما شهدته من اضطرابات كبيرة وصراعات دامية، ولعل الحرب الروسية الأوكرانية بعد دخولها العام الثاني وتمحور الصراع بين الأوراسية من جهة والنازية الأوكرانية والغرب من جهة أخرى، دفع الصين للعمل بكل قوة على حصر الصراع غرباً وعدم السماح له بأن يمتد نحو الشرق بعد إفصاح السياسة الأمريكية عن مخططها في توريط الصين بحرب استنزاف مع تايوان بنفس سيناريو أوكرانيا مما جعل الصين تدفع بملف التقارب بين أهم دولتين في المحور العربي الإسلامي، وكان هذا ضمن خيارات روسيا في إعادة الأوراسية حيث أكد على ذلك الكسندر دوغن في كتابه "أسس الجغرافيا السياسية": المستقبل الجيوسياسي لروسيا التي كانت تهدف لتحقيق ذلك قبل الحرب الأوكرانية، ومع ذلك أقامت تحالفات منفردة مع إيران ومع السعودية عبر تفعيل "أوبك" كسلاح إقتصادي إستُخدِم ضد الغرب. 

وتمضي الصين اليوم من حيث توقفت روسيا بما يعزز من قوة الأطراف الثلاثة "الصين والسعودية وإيران" وقد تتعزز هذه القوة بانضمام تركيا، الأمر الذي قد يدفع إلى تسوية للقضية الفلسطينية بعيداً عن الإملاءات الأمريكية، ومؤشر ذلك ما أكد عليه وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بالعمل على إحلال السلام في اليمن..وهذا الملف من أهم ملفات الخلاف بين إيران والسعودية وحله يفسح المجال لحل سياسي شامل يشمل أيضاً الأزمة السورية والتقارب العربي السوري.

لقد عانى العرب من الفرقة والنزاعات الدامية التي دفعت ثمنها الشعوب العربية وخاصة في سورية واليمن والعراق وليبيا ولبنان وغيرها.

وقد قلناها سابقاً: هناك تغير كبير تشهده المنطقة والمملكة العربية السعودية تمضي برؤية استراتيجية بقيادة شابه وظفت قدراتها لتصبح ضمن اللاعبين الدوليين الكبار، فالعصر أصبح عصر التكتلات ومن استطاع برؤيته وتوظيف مقدراته أن يأتي بدولة عظمى للتحالف معه لن يعجز عن لم شمل أبناء جلدته وتأمين محيطه الذي يعتبر في الأساس من الأمن القومي العربي. 

لقد كانت القمة العربية الصينية مقدمة لتقاربات إقليمية وكما قلنا في مقال سابق بعنوان: هل تكون القمة العربية الصينية بداية موقف عربي موحد؟

اليوم يتضح أنها فعلاً مهدت لتقارب أكبر وأشمل حيث تم التقارب السعودي الإيراني برعاية صينية في نفس اليوم الذي أجمع مجلس النواب الصيني على إعادة انتخاب الرئيس "شي جينبينغ"  لولاية ثالثة مدتها خمس سنوات دشنتها القيادة الصينية بهذا  الإنجاز القاري الكبير.

* دبلوماسي وسياسي يمني