لا تبتزوننا بفوبيا علي عبد الله صالح!

لا تبتزوننا بفوبيا علي عبد الله صالح وأنه قال : وحده أو الموت .
قد تجرح كلمة " الموت" عاطفة الليبراليين ،ولتكن هذه الكلمة خيار تهديدي كان عليه استبدالها بتعريف آخر لإجراء الدولة ورئيس الدولة ضد الانفصال .
كل رئيس دولة عليه الحفاظ على وحدة بلاده والا لما بقيت في هذا العالم دولة .
دعك من فوبيا التاريخ الطازج ومن هواجس وفوبيا سلطة صنعاء هذه الأيام من اي اعتراف بمزايا صالح ولو لم تكن من ميزة له ولشريكه البيض الا الوحدة لكانت كافية لهما .
لا أتحدث الان عن مؤتمر وورثة زمن ورمزية وعملية إحيائية لطرف يمني بعينه ،اتحدث عن الوحدة وأن مسؤولية وشرف اي سياسي يمني رهن بالدفاع عنها .
لقد اقتطعنا من ثقافة الحريات والحقوق في تجربتنا ومحاولتنا اليمنية كل مقولات تدمير الدولة واستدعيناها وقمنا بقسرها في محاولات تطبيقية لا تخلو من صبيانية ،صبيانية دعمتها وتبنتها قوى آثمة تستخدم حاجة اليمنيين لتمثل قيم الحرية وحرية الاختيار بوصفهما أداتي اختيار تمزيق وانفصال وإفصاح _ بدلا من إفصاحات تقدمية حقوقية _ استخدمت تلك المقولات للإفصاح عن جملة أمراض مناطقية مستوطنة وعن ضغائن بدائية وبفصاحة وثفة بالذات الحقوقية ضدا لوحدة البلد وفكرة الدولة .
وبذات المنطق التبسيطي هذا لن تبقى في العالم كله دولة ،ذلك ان في كل دولة أمراض مناطقية و نزعات انفصالية ، سيقرر إقليم الباسك مصيره ،وتنفصل ويلز وإيرلندا عن بريطانيا والتبت عن الصين ومنطقة البوليساريو عن المفرب والأهواز عن إيران والأكراد عن العراق وتركيا ،واخوتنا في الجنوب ليسو أكرادا حتى ،إنهم اليمنيون الذين ظلت سلطتهم الجنوبية تناصل في سبيل الوحدة وتبث الأغاني الوحدوية من تلفزيون عدن وإذاعتها لعقود ،وإذا كان صالح قد حارب لأجل بقاء الوحدة بعد قيامها فقد حاربت قيادات الجنوب لأجل الوحدة وأرادوا "وحدة بالقوة " قبل قيامها ،حرب المناطق الوسطى مثلا ، ويمكنك فقط التساؤل : لماذا قام الجنوب بقتل رئيس في صنعاء ؟ ألم يكن لأجل الوحدة ؟ والا لماذا قتل الغشمي ؟ والأهم من هذا كله هو المثال الأكثر حيوية عن مدى ارتباط الجنوب وإخلاصه لفكرة الوحدة اليمنية أكثر من الشمال حتى ،وللدرجة التي سمح فيها الجنوب لسياسي شمالي بالوصول لرأس السلطة في عدن ،عبد الفتاح اسماعيل ،فعن أي جنوب تتحدث أنت ؟ 
هناك مالايمكن العودة به للسابق ، وعندما نناضل في سبيل الوحدة إنما نناضل في سبيل طبائع الأشياء ،ذلك انها يمن خارطتها الطبيعية واحدة ،ترابها وطباعها وتاريخها ومزاجها واحد ،وإذا كانت الرغبة الانفصالية قد افصحت عن نفسها في العام أربعة وتسعين فقد كانت مدفوعة بحس المظلومية اولا ،وأيا تكن مواقفنا من تلك المظلومية يفترض بقائها في إطار حتمية بقاء البيت الواحد ،لكنها الان انفصالية متبناه كلية ووفقا لخيار خارجي معلن وفي واحدة من اكثر إفصاحات التدخل الشرير صلافة ،وضمن استجابة كلية وإعلان طاعة لخيارات هذا المتدخل  بما فيها قيادات المؤتمر في الخارج ،مذعنة أيضا لتكتيكات تمزيق بلادهم ولو ظاهريا وادعاء أولويات ، مالم يتنبهوا لإرث زعيمهم .
 تذعن  القيادات الجنوبية من حيث اعلان تمثيل خيارات الجنوب حصرا  لاستراتيجية عملية الفصل وللتكتيكات المتبعة من قبل الإمارات والسعودية حد السماح لقيادة جماعية بالعودة لعدن وتمثيل سلطة الدولة الواحدة من عدن ليتم الانفصال بعدها من بوابة " الشرعية " او " الشرعية البديلة " فنيا .
هذه الإرادة الانفصالية لا تمثل محصلة خيار جنوبي مضطر وحتمي ومستقل ،والا لكان الجنوب انفصل أثناء مالم يعد من جندي ولا مسؤول شمالي هناك ،لا تملك حتى القدرة على الانفصال ذلك انك ملتزم بتكتيكات وخيارات خارجية وضعتك ضمن ادواتها ولست ممثلا لإرادة جنوبية حرة ،ثم من هو الجنوب ومن يمتلك حق تمثيله ؟ لم لا تتحدث عن استفتاء شعبي مثلا ؟ هي فقط حالة طفت على السطح وراحت تحدث فقاقيع ،لحظة منبتة عن تاريخ الجنوب ولا تتكئ لا على تاريخ وشخصية الحزب الاشتراكي الذي وحد سلطنات الجنوب في دولة اليمن الديمقراطي ولا يحضر في نبرتك او يظهر في حضورك لا راجح لبوزة ولا علي احمد ناصر عنتر ولا حتى إرث سلطنات الجنوب اليمني ،فقط حالة تم تغليفها على عجل وبمقاس استجابة فورية للراعي الإماراتي تحديدا وهو يحدثك عن حقك في الانفصال بينما يفكر هو في حقه المرتجل من دولة الضعيف وهو يطمح لميناء عدن وبلحاف وجزيرة سوقطرى ،وأنت الجاهز الآن لتلبية هذا الخيار ،منفصلا عن نفسك وتاريخك وترابك الوطني وإرث الأسلاف ومنفصلا حتى عن الإنفصال . 
عن ماذا تتحدث وعلى أي جغرافيا تقف ؟ أبين ضدك وشبوة ليست معك وحضرموت مستقلة عنك وعن البروباغندا الصاخبة وتبدو المهرة هناك وكأنها الساحة المتروكة لتسوية المصالح والطموحات بين الخليجيين وكأنها مستثناه هناك كضامن للترضية آخر المطاف . 
تجريب صبياني واختزال إرادة الجنوب في جملة طموحات اناس اقل حتى من مجاراة الانفصاليين الكبار امثال مسدوس والعطاس ، وفي حشد من متحمسي السوشيال ميديا وهم يفتقرون حتى لمرافعة قابلة للإصغاء واستجابة العقل مهما كان محايدا بشأن الوحدة ،صخب وتحديات مفتقرة لأبسط أساسيات الوعي بثنائية سقوط وقيام الدول ،ناهيك عن اعتماد واتباع منهج الانكار للانتماء اليمني حد السذاجة ، وينتهي بنا الأمر لشكل من تبادل الارتياب الحقوقي واهلية الثقافة والمدنية التي سيمنحونك صكوكها لحظة تخليك عن كل دعامات بقاء بلادك لأجل تنويعات حماسية هي ضد منطق بقاء الدول . 
فليقولوا كلمتهم الآن ،تلميحاتهم وتجاربهم ،وليتجول المال والمغامرة في الركن العزيز من اليمن ،في النهاية ستقول اليمن كلمتها .
ولن تتمزق هذه البلاد طالما بقي من أبنائها رجال قادرون ومستعدون لأجلها للقفز في عين الشمس .