تعميم منطق الفوضى

تملص الحكومة من الإيفاء بوعودها بصرف رواتب الموظفين في المناطق التي تحت سيطرة الحوثيين لم يكن له عذر مهما كانت المبررات وبرغم كل ما يمارسه الحوثيين من تبديد للمال العام ، فالمواطن في نهاية المطاف لديه احتياجاته خصوصا في هذه الأيام الحرجة التي أكلت الأخضر واليابس ، يا ليت حكومتنا الرشيدة صرفت المرتبات هذه المرة فحسب ليسترد المواطن المغلوب علي أمره أنفساه فيستريح قليلاً خلال هذا المارثون المضني في مقاتلة لقمة العيش ثم طالبت بما تطالب به من إيرادات , كونها تتحمل مسؤولية المواطنين باعتبارها تمثل الشرعية والدولة اليمنية ، ولا ادري ماذا يعني هذا التملص ؟

بقاء اليمنيون البسطاء أحياء في ظل هذه الظروف الاقتصادية المرعبة وفي زمن الحرب هذا ,هو بحد ذاته بطولة ومقاومة تعكس لنا مدى صبر وجلد اليمنيين الأسطوري الذي من الصعب أن تجده لدى شعبا آخر ، ولولم يكن هذا لكانت قوارب الموت تطوف الدنيا لتسمع العالم بمأساة هذا البلد العظيم والفقير رغم انه غني بموارده وطاقاته البشرية المبدعة والتي لو أعطيت الفرصة في أي مجال فإنها تبرز وتتألق وتتقدم الآخرين دائما .

إذن فلا تقصير من عموم الناس في المقاومة ولا تخاذل فكلا يقاوم بطريقته ,, فهناك من يقاوم في جبهات القتال وهناك من يقاوم الموت ويناضل لكي يستمر حياً مع أفراد أسرته لكن العتب والتقصير كل التقصير من قبل الحكومة في عدم تسديد رواتب الموظفين ، فمهما كان الحمل على هذه الحكومة ثقيلا إلا انه لا بد من ايجاد  الحلول وبذل الجهد كي تصرف مرتبات الموظفين ، لان عدم الصرف يعني ببساطة .. الموت البطيء للمواطن وفتح باب الفوضى على مصراعية فيصبح منطق الفوضى هو السائد وزيادة وتيرة الإنتاج للتخلف والجهل وغياب الوعي وبالتالي فإننا نقدم خدمة جليلة مجانية للانقلابيين ونساهم في الترويج لكل الإشاعات التي يطلقها الحوثيين وحلفائهم عن مشروع الانفصال وأجندة تدمير اليمن أرضاً وإنساناً في وجود دور هزيل وباهت للإعلام الرسمي الوطني .

كل يوم ونحن نقرا قصصا عديدة لا ندري صحتها حول معاناة الناس وسوء الحالة المعيشية في الوطن وكل يوم ونحن نقرا عن جمعيات تقدم مبادرات لإعانة المدرسين وغيرهم من الموظفين هنا أو هناك ,, مما يدل أن الواقع أصبح لا يطاق ولا بد للحكومة ان تنهض بأعبائها الثقيلة هذه ،  فالأمر وعلى المدى القريب كما اعتقد سيكون له انعكاساته السلبية الخطيرة على الصعيد السياسي و أيضاً على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي , فلا يجوز ترك الناس لوحدهم في ظل هذه الظروف الاقتصادية السيئة فهذه الجبهة لا تقل أهمية عن جبهة ميادين الشرف وساحات المعارك  كلها مهمة ويجب أن تكون متوازية وكلها ضرورية من اجل الحرية والكرامة لأبناء شعبنا الصابر المحتسب .

وللتوضيح لا بد أن أشير في هذا المقام إلى أننا لا نظن سوء بالحكومة ولا نشكك في نواياها تجاه المواطنين ولا اعتقد أنها تستهدف الناس في قوتهم أو تحاول ان تضغط عليهم في هذا الجانب بل على العكس تماما فمن خلال متابعتي لتوجهات هذه الحكومة أجدها تحاول تصحيح وتدارك الأخطاء كلما وجدت الى ذلك سبيلاً وتحاول أن تخلق أسباباً ومنافذاً تستطيع من خلالها تخفيف معاناة الناس فالحمل كبير كبير والابتلاء عظيم ولا بد أن يقف الجميع مع هذه الحكومة وخصوصا رؤوس الأموال والقطاع الخاص لا بد أن يستشعر الجميع أفراد ومؤسسات  وهيئات خطورة هذه المرحلة التي يمر بها الوطن ولهذا كان لا بد لي وبدافع الحس الوطني أن أطالب الحكومة بضرورة اتخاذ موقفاً واضحا من رواتب الموظفين في المناطق الخاضعة للانقلابيين ، فأقدس المقدسات لدى المواطن اليمني اليوم هو قوته وكرامته وتعليم بنائه ( أما صحة المواطن فهي موضوع تناسيناه ونسيه المواطن )، هذه الحقيقة وما دونها سراب لا يعني شيئا فلا مجال للهروب من هذا العبئ  ولا يوجد مبرر يعفي الحكومة من رواتب الموظفين.

وعلى الجميع أن يرفع الصوت بهذه المطالب ,, قبل أن تشيع الفوضى ويعم الخراب أرجاء الوطن، وفي هذا المنعطف السياسي والاقتصادي الخطير الذي يمر به الوطن تطل علينا أخبار التداعيات الناجمة عن التباين الحاصل بين الرئيس هادي والشقيقة الإمارات والذي تسربه وسائل الإعلام فقط ولم نري حتى الآن موقفاً أو تصريحاً رسمياً من أي جهة مسئولة , هذه التداعيات التي لن يجني ثمارها سوى الانقلابيين ، وحقيقة لا استطيع أن أجد مبررا لكل هذا التباين ولا ادري متى سيدرك الجميع أن معركة اليمن هي معركة مصيرية وأننا نخوض حربا تهدد امن المنطقة برمتها، لقد استشعرت المملكة العربية السعودية هذا الخطر الداهم فكانت كما هي دائما مثالا للأخوة والعطاء والتلاحم وشد العضد دون منة أو مطالب .

والمثير للريبة أن هذه التداعيات التي تتناقلها وسائل الإعلام بوتيرة متزايدة والمتزامنة مع تصريحات الرئيس السابق صالح حول الدعوة الي اعتقال أعضاء حزب الإصلاح في الداخل والتي عاد فتراجع عنها ، يجعلنا يشعر بان هناك حملة إعلامية خبيثة يقف ورائها الانقلابيين تستهدف شخص الرئيس هادي وتوسع الهوة بين الطرفين وكالعادة سيدخل هذه الموجة الإعلامية بعض الإخوة في الحراك الجنوبي وكل هذا لكي يتم النيل من رمز شرعية اليمن المتمثل في شخص الرئيس هادي .

المفروض أن يلتف الجميع حول الرئيس وان نرفض كل محاولات الابتزاز أو التضييق أو الضغط على شخص الرئيس  أيا كانت نوعية هذه الضغوطات  وأتمنى أن نكون في مستوى الحدث وان نرتقي جميعا بمطالبنا وقضايانا فالمرحلة التي يمر بها الوطن صعبة للغاية ، الأيام القادمة حبلى فلننتظر ما تسفر عنه.