دروب التيه والشتات

 هذه التدابير الانفصالية المرتجلة جنوبا هي لصالح الوحدة في النهاية .
يجب أن يختبر اليمني هناك كل الأكاذيب واشارات الطرق المضللة ودروب التيه والشتات  ليجد ملاذه آخر المطاف في حقيقة البيت الكبير . 
وهذا الفتور الاحتفالي في صنعاء رغم تغريدات العجري والعزي القاطعة وحدويا وفيديو البخيتي المتوعد وهي افصاحات جديرة بالاحترام وحدويا لكنها تظل أقل بكثير من تسميتها " موقف رسمي قاطع "  ، حتى انهم لم يحتفلوا البتة صبيحة الثاني والعشرين من مايو العظيم وبقيت الدراجات النارية والسيارات تمر على اسفلت ميدان السبعين على ذات الخطوط التي مرت عليها تشكيلات العرض العسكري الوحدوي في عيد الوحدة العاشر لحظة التمعت الدروع اليمانية في وهج الظعيرة لتلفت انتباه العالم : نحن اليمن الواحد القوي والعظيم ، اليمن الذي استعاد أناه الكلية وضرباته المكتملة ووعيه بذاته ، هذا التضعضع في صنعاء هو  أيضا لصالح الوحدة .
يجب أن تستنفذ الأوهام طاقتها وتطبيقاتها ويجب أن تفصح عن وجودها على الأرض لتفضح وتبدو كما أي وهم وسراب ،ولن يصل الوعي الجنوبي نفسه لإدراك حتمية الوحدة ومزاياها حتى يختبر ويجرب كل ترهات الانفصال ،الحماسات والسلاطين  والاغراءات والوعود في واقع أمسى وحدويا بحكم المعادلة ، كل هذه التنويعات الانفصالية ستفضي بالجنوبيين آخر المطاف للصراخ " وحدة او الموت " .
ويجب ان تختبر صنعاء كل ضلالات المقاس الجغرافي وترهات البيئة الحاضنة وتختبر حس الأمان الكاذب حتى تكتشف كذبه وافتقاره للمنطق ويجب ان تلامس مخاطر عدن التي يقرر مصيرها وتوجهها الغرباء وتدرك صنعاء أن عدن في حالة كتلك ستكون خطرا على صنعاء وأن من يبني على وعد العدو ومقترحاته انما يمنحه متراسا ينقض عليه منه وقد عجز عن النيل منه بالطائرات .
لاحقا ومستقبلا لن تدع عدن صنعاء وشأنها طالما منحتها للغرباء الخارجيين يخدعون ابنائها ويعدونهم بفردوس الشتات ، لكن انسان عدن احتفل بالوحدة وضج صوته الوحدوي من مداخل حارات كريتر والتواهي : بالروح بالدم نفديك يا يمن ،عدن ستلاحق صنعاء ، ستلاحق فيها الرمزية ومركز الدولة اليمنية لحظة اكتشاف الجميع ان لا أحد بوسعه العودة ماقبل اثنين وعشرين مايو 1990 ليس بدافع وحدوي معنوي له علاقة بمجد المشروع الوحدوي وتماسك التراب الوطني ولكن بدافع الهرب من خطر انفصال بعد وحدة ، شيئ هكذا يشبه تجربة جينية أعادت كائنا لأصله عام تسعين ،وإن حاولت انتزاعه من شخصيته المكتملة إنما تحوله لمجموعة كائنات متوحشة مصابة بنعرة في الدماغ وتشرع في التهام أعضائها .
حسنا : ربما كان على بن هرهرة ان يعود لتختبر فكرة السلطنات قوتها تحت رعب شمس الواقع فتتحلل وتذوي وقد حصلت فقط على قنوط ناجز وجنازة  لأمل ظل يراودها تحت الردم وفي توهمات المنفى .
الواقع وحده هو ضمانة الوحدة ، المعادلة الفيزيائية وهي تحدد المحصلات والحتميات 
الا تتنبه لكون اليمنيين بلا اتفاقات وطموحات وتمويلات ، انت وانا وخالك وعمي وصاحبك في يريم ونسيبك في الضالع وعمتك في عدن والحيفي في صنعاء والمطري في بني مطر يحتفلون ؟ الا تتنبه لكونهم خلصوا هكذا بالبديهة لكون مستقبلهم كبشر رهن بالوحدة ؟ 
فقط : كم من الوقت نحتاجه لنصل لإدراك الحتميات ؟ وكم لدينا من الوقت لتبديده في اختبار الأوهام ؟