في انتطار المرأة الجديدة

عام 1899 ظهر كتاب "تحرير المراة" لقاسم امين ليدشن القول في قضية القضايا منذ ذلك الحين: المرأة وحقوقها ووضعها في المجتمع.

لا زال الكتاب اوضح واشجع ما كتب عن المراة العربية.

فالمطلوب "تحرير" المراة من قيود المجتمع والعقل والعرف والفقه التي انزلتها منزلة "الرقيق". ومنذ ذلك الحين صارت عبارة "تحرير المراة" مجالا لمعارك وجهود وجدل وخصام لا يهدأ الا ليحتدم.
ماذا قال قاسم امين النسوي العربي الاول؟
قال ان حجب المراة وحبسها عطل الملكات الذهنية والنفسية والجسدية للمراة وان اول الطريق لتطوير قدرات المراة العربية هو التخلص من نظام "الحجاب".
وكان يقصد بالحجاب شيئين: النقاب (غطاء الوجه)، وحبس المراة (حجبها) في المنزل.
وقد توسع قاسم امين في ايراد الادلة الشرعية التي تؤكد ان النقاب بدعة لا علاقة للدين بها، وفي ايراد الادلة الصحية التي تثبت ان الحجاب (النقاب) اورث المراة مشاكل صحية كثيرة كفقر الدم وهشاشة العظام وشحوب الجلد.
اما حبس المراة في البيت فقد عطل قدراتها العقلية وحولها الى طفل كبير متقلب ، نزق، ساذج لا يفهم شيئا عن الحياة وقوانينها.
لهذا طالب بتعليم الفتاة (التعليم الابتدائي) واتاحة الفرصة لها للخروج للحياة العامة والاختلاط بالرجال( في ظل الضوابط الشرعية والاجتماعية) لتتطور قدراتها الذهنية والعقلية والنفسية وتلجسمية وتصير قادرة على مواجهة الحياة وصيانة العائلة.
ناقش قاسم امين ايضا قضية الزواج وطالب بان يكون الزواج اختياريا وان تختار الفتاة زوجها وتراه وتتعرف على طباعه وعقليته ورفض ان تظل الفتاة سلعة بيد الاب يزوجها لمن يشاء حتى دون ان تستشار.
وطالب بايقاف العمل بمبدأ تعدد الزوجات لان فيه احتقارا كبيرا للمراة ومخالفة لفطرتها التي لا تتقبل شريكا في زوجها، واشترط ان يكون الزواج الثاني امام القاضي في حالة مرض الزوجة فقط او عدم قدرتها على الانجاب.
وهل يمكن اصلاح الزواج دون اصلاح الطلاق ايضا؟
فليس مناسبا في رأي امين ان يظل الطلاق حقا مزاجيا وحصريا للزوج فقط . فقدم مشروع قانون يجعل الطلاق صحيحا فقط اذا تم امام القاضي وبموافقته وبعد استنفاذ جهود الاصلاح بين الزوجين. كما طالب بان يكون للزوجة حق الطلاق ايضا وان ينص في عقد الزواج على حق المرأة في تطليق نفسها اذا اصبحت الحياة الزوجية مستحيلة.
أثار الكتاب ما اثاره من عواصف واعاصير وبراكين وزلازل.
لكن قاسم امين لم يتراجع ولم يخف كما خاف كثير من رواد النهضة وتراجعوا.
في السنة التالية 1900م خرج بكتاب "المرأة الجديدة". والمرأة الجديدة حسب تعبيره هي امرأة عصر التمدن والحرية والمساواة . وهي مختلفة عن المرأة القديمة التي لم تكن اكثر من رقيق بيد الاب او الاخ او الزوج.
فصل قاسم امين بشكل اوضح الخطوات المطلوبة لظهور المراة الجديدة.
في هذا الكتاب تجاوز ما كان مترددا فيه في كتابه الاول فطالب بتعليم المراة بلا حدود، وبخروجها للمجتمع دون خوف من الاخطاء، وبالتحاقها بالوظيفة العامة، وتنبأ بقرب حصول المراة العربية على حقوقها السياسية، وقال بوضوح ان اصلاح المجتمعات لا يمكن ان يتم دون صلاح حال المراة.
المراة هي قضية القضايا وحسم قضية المراة مقدمة ضرورية لحصر القضايا الاخرى.
تحية للمرأة العربية الجديدة في يومها العالمي. فلا زال النضال مستمرا لتحرير المراة وتحررها، ولا زال قاسم امين مفكرا راهنا ينتظر من يحول صرخته الى حقيقة.