جولات صراع جديدة بين قوى شمالية وجنوبية

  في ظل غياب قوة رئيسية حزبية أو أي جماعة سياسية أو مناطقية او طائفية واحدة قادرة على ممارسة ما يكفي من النفوذ للسيطرة على البقية أدى الوضع الحالي إلى تحويل اليمن إلى بؤرة للفساد وشبكات المحسوبية التي تتنافس على الثروة والسلطة وامتيازات الدولة ومن الناحية التقليدية أصبحت معظم المكونات السياسية اليمنية ترى في مشاريع الاستقلال وسيلة جديدة من وسائل الحصول على الثروة والسلطة واصبحت الوحدة شعارا غير مقبول في ظل التوجهات الجديدة.

ان الدولة القوية هي الأساس المنطقي لدعم الاستقرار السياسي لكن من المفارقات أن إضعاف الدولة هو الهدف المشترك بين المكونات السياسية من اجل تمركز القوة والثروة في صالح المجموعات الجديدة التى تمتلك السلاح والتأثير والتي انتشرات في اليمن بشكل ملحوظ

لقد أصبح التوصل إلى اتفاق سياسي في اليمن بعيداً بشكل متزايد و يتضح ذلك من الجمود المستمر بسبب الحرب والخلافات المستمرة بشأن التسوية السياسية النهائية كما ان الإعلان عن استعادة الدولة في جنوب اليمن من قبل المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يحظي بمساندة الاكثرية من الجنوبين والذي يمارس السلطة الفعلية في الوقت الحالي في أغلب المناطق الجنوبية يمكن ان يؤدي الى مجابهة ورفض كبير خصوصا من بعض المكونات السياسية اليمنية الذين بداوا تجييش مناطق نفوذهم ضد المجلس الانتقالي والامارات دفاعا عن الوحدة وعدم القبول بدولة جنوبية مستقلة وهي بلا شك دعوات يمكن ان تفتح الباب امام جولات صراع جديدة بين قوى شمالية وجنوبية

واقع اليوم يجب ان نعترف ان هناك ارتفاع لأصوات جنوبية تطالب باستعادة الدولة الجنوبية كما كانت قبل الوحدة والبعض الآخر يتطلع إلى دولة جديدة تقوم على أساس اتحادي وهناك آخرين يريدون الدولة الكونفدرالية ولكن مانلمسه في الوقت الحالي انه لايمكن ان يتعدل المزاج الجنوبي لصالح شكل من أشكال الوحدة وما نراه الآن على أرض الواقع هو استمرار المجلس الانتقالي فى الاتجاه نحو استعادة دولة الجنوب من خلال السيطرة على مؤسسات الشرعية والتحكم في أعمالها كما ان المجلس يتجه وبشكل قوي نحو بناء العلاقات الخارجية مع كثير من الدول في اطار تمثيل الجنوب امام المجتمع الدولي والاقليمي

تظل هناك تحديات هامة امام المجلس الانتقالي في استعادة دولة الجنوب لعل اهمها موقف المجلس الانتقالي من الشرعية وهل سيظل تحت أطار الشرعية بالاضافة الى كيفية تعامل المجلس الانتقالي مع القوى المناهضة لاستعادة دولة الجنوب في اطار الشرعية وخارجها وماهي الاليات التى سيطرحها في الحوار مع الشمال من اجل الانتقال الى شكل الدولة او الدولتين

في كل الأحوال يتحتم على جميع القوي والنخب السياسية اليمنية والمفكرين والسياسين وجميع النخب اليمنية القيام بدورها وعدم استمرارها فى الانكفاء والسلبية وضرورة عملها على إيجاد حل وطني يوصل اليمن واليمنيين الى طريق السلام وعدم الاستمرار في الاحتراب الداخلي لصالح الغير والتفكير نحو مستقبل امن لليمنيين في ظل دولة موحدة اتحادية او كونفدرالية او تكامليه او حتي دولتين في ظل استقلال منظم يحافظ على الروابط والتكامل الاقتصادي والاجتماعي والتجاري بين اليمنيين ويمنع استمرار الحروب والاقتتال

*سفير بوزارة الخارجية