اليمن قادم على معركة من نوع آخر.. الحديث عن سلام شامل مجرد وهم

كشفت مصادر صحفية، عن تحركات يمنية واستعدادات غير مسبوقة، لخوض معركة من نوع آخر، وذلك عقب تخفيف القيود على ميناء الحديدة الخاضع لسيطرة المليشيات الحوثية.

وقالت صحيفة "العربي الجديد" الصادرة من لندن، إن هناك توافقات على حزمة من الإجراءات التي ستدرج عملية تنفيذها إلى لجنة وطنية خاصة بالأمن البحري، إضافة إلى إنشاء مركز إقليمي لتبادل المعلومات بالهيئة العامة للشؤون البحرية التابعة لوزارة النقل اليمنية، وكذا تفعيل المركز الوطني للمعلومات، وتوفير كل ما يلزم للنهوض بإجراءات السلامة البحرية لطرق الملاحة.

وقال مصدر حكومي مسؤول إن هذه التحركات والجهود التي سيرتفع نسقها خلال الفترة القادمة، تهدف إلى استغلال موقع اليمن الاستراتيجي الذي يرتبط بالبحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن والبحر العربي كممرات لحركة النقل الدولية للسفن والبضائع، حيث ستعمل اللجنة، وفق مهام وواجبات محددة من اختصاصات وصلاحيات، وفق القوانين المنظمة للقطاع البحري في اليمن.

وتعتبر اليمن من الدول الموقعة على الاتفاقيات البحرية الدولية، ومنها اتفاقية "سولاس" عام 1974، إذ تلزم هذه الاتفاقيات الدول الموقعة عليها بتشكيل لجنة وطنية للأمن البحري، لمجابهة التحديات والمخاطر التي تهدد حركة الملاحة البحرية.

ويشرح الخبير اليمني في الملاحة البحرية، وهيب شمسان، في تصريحات للصحيفة ذاتها، أسباب هذا الاهتمام بالملاحة البحرية والذي يصل إلى مستوى الاستنفار، قائلًا إن له علاقة بالتطورات الأخيرة بتخفيف القيود على الشحن التجاري إلى اليمن، ومراجعة نقاط التفتيش، وإعادة تشغيل ميناء الحديدة الخاضع لسيطرة الحوثيين، وميناء المخا في تعز، والخطط الهادفة لإنشاء ميناء بروم بمحافظة حضرموت، التابعة لإدارة الحكومة اليمنية.

وأشار إلى أن الوضع في اليمن في ظل هذه التطورات والتغييرات والتشتت الحاصل، وتعدد السلطات المتحكمة بالموانئ والمنافذ والممرات البحرية اليمنية يثير قلق وحفيظة المجتمع الدولي الذي تضاعف منذ منتصف العام الماضي، بعد استهداف الحوثيين موانئ خاصة بتصدير النفط في حضرموت وشبوة جنوب البلاد.

بدوره يرى المحلل الاقتصادي، مبارك الصبري، أن اليمن قادم على صراع اقتصادي تنافسي من نوع مختلف خلال الفترة القادمة، للسيطرة على أحد أهم الموارد المتنامية خلال سنوات الحرب في البلاد، إذ يرتكز الاقتصاد الموازي الذي نشأ وتشكل خلال السنوات الثمانية الماضية لمختلف الأطراف، على الجبايات والإيرادات المحصّلة من الموانئ، والاستيراد والشحن التجاري للسلع والوقود، ومنافذ النقل التجاري المتعددة والمنتشرة على الطرقات ومداخل المناطق والمدن، بحسب تبعية الطرف الذي يتحكّم بالسيطرة عليها وإدارتها.

وتأتي تلك التطورات بالتزامن مع إجراءات مكنت مليشيا الحوثي من إجبار التجار على الاستيراد عبر ميناء الحديدة، الأمر الذي أدى إلى تراجع نشاط الموانئ الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية.

إلى ذلك استبعد الخبير العسكري "علي الذهب" اليوم ، أي حل لإنهاء الحرب في اليمن الذي يشهد حربا من تسع سنوات.

وقال الأكاديمي والخبير في الشؤون العسكرية، الدكتور علي الذهب -في تغريدة على منصة "إكس"- إن أقصى ما يمكن تحقيقه بشأن السلام في اليمن، تثبيت خريطة تقاسم المكاسب الحالية مؤقتا".

وأضاف "الحديث عن سلام شامل، مجرد وهم" حيث أنر "كل طرف الآن لديه ما يكفيه للمضي في حرب أخرى طويلة، وليس بكل هؤلاء يكون السلام".

من جانبه دعا رئيس منظمة فكر للحوار والدفاع عن الحقوق والحريات الشيخ عبدالعزيز العقاب أطراف النزاع في اليمن إلى عدم إعاقة أي خطوات تتعلق بصرف المرتبات وفتح الطرقات والموانئ.

وقال الشيخ العقاب في منشور له على منصة "أكس ، تويتر سابقًا" إنه يجب على جميع القوى السياسية أن تدرك أن تنفيذ بعض الخطوات الواجبة المتعلقة بصرف الرواتب وفتح الطرقات والموانئ والمطارات وتبادل الأسرى هي حقوق واجبة للشعب كافة".

وأوضح العقاب أن "هذه الحقوق تعد جزء من استحقاقات أساسية لا تقبل المساومة أو إقحامها في الصراع والمكايدة، وأن العرقلة في هذه القضايا هي جريمة بحق الشعب كافة".

ومع تفاءل اليمنييين بإنهاء الحرب مع عودت تحرك عجلة المفاوضات على مسارات عدّة، وفي وقت واحد: مسار الفريق العُماني، ومسار المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، ومسار المبعوث الأميركي تيم ليندركينغ. 

يبدو أن تلك التحرّكات لم تتجاوز إلى الآن سقف بنود الهدنة الحالية، فيما يبدو أن الهدف منها تدوير الهدنة القائمة فقط، لا الذهاب إلى هدنة موسّعة، تتمخّض عنها عملية انتقال شاملة إلى السلام الدائم. 

وبرأي محلّلين، فإن عملية السلام لن تُحسم خلال مدّة وجيزة، بل ستأخذ من الوقت ما يتناسب مع مصلحة أطراف الصراع، والتحالف والولايات المتحدة؛ وإذا كانت الحرب قد استغرقت أكثر من ثماني سنوات، فإن التفاوض يراد أن يستغرق هو الآخر مدداً مستطيلة.

وعليه، فإن كلّ التحرّكات الديبلوماسية الحالية تهدف حصراً إلى إعادة إنتاج الهدنة، التي لم تُنفَّذ بنودها أصلاً، الأمر الذي يجعل من كلفتها موازية لكلفة الحرب، إن لم تكن أكثر.

وعلى أيّ حال، يبقى احتمال هبوب عاصفة جديدة كبيرة من الحرب والصراع قائماً، في انتظار ما ستكشف عنه الأيام القادمة.

*قسم التحرير والمتابعة