مئات الصحافيين يَدينون تغطية الغرب للعدوان على غزة
قالت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية إن 750 صحفياً وقّعوا رسالة تنتقد تغطية وسائل الإعلام الغربية للحرب على غزة، وتدين قتل إسرائيل للصحفيين.
وأوضحت أن الرسالة تكشف «الانقسامات والإحباط داخل غرف الأخبار الأميركية بشأن كيفية تغطية الصراع في غزة».
وقالت الرسالة إن غرف الأخبار مسؤولة عن الخطاب غير الإنساني الذي يسوغ التطهير العرقي للفلسطينيين.
وأفادت الصحيفة بأنّ الرسالة - التي قالت إنّ غرف الأخبار "مسؤولة عن الخطاب اللاإنساني والذي خدم تبرير التطهير العرقي للفلسطينيين" – هي الأحدث في سلسلة من التصريحات الجماعية، والتي ترتكز على رد الفعل من جانب الولايات المتحدة على العدوان الإسرائيلي على غزة.
والرسالة الأخيرة - التي ضمّت موقّعين من "رويترز" و"لوس أنجلوس تايمز" و"بوسطن غلوب" و"واشنطن بوست" - تتميّز بكشفها الانقسامات والإحباطات داخل غرف الأخبار، وفقاً لـ"واشنطن بوست".
وبالنسبة إلى بعض الصحافيين، بحسب الصحيفة، فإنّ التوقيع على الرسالة كان خطوةً جريئة أو حتى محفوفة بالمخاطر. وتمّ طرد صحافيين من بعض غرف الأخبار بسبب تبنّيهم مواقف سياسية عامّة، قد تعرضهم لاتهامات بالتحيز.
ولفتت الصحيفة إلى أنّ أولئك الذين نظّموا الرسالة الأحدث يقولون إنّها دعوة إلى إعادة التزام العدالة، وليس التخلّي عنها.
وفي ظلّ العدوان غير المسبوق الذي تتعرض له فلسطين المحتلة وقطاع غزة بشكل خاص، ومع تشدد التحالف السياسي الدولي لمواجهة المقاومة الفلسطينية في غزة، بقيادة الولايات المتحدة والدول الأوروبية، تبنت الحكومات الغربية بشكل كامل السردية الصهيونية وحاولت عبر إعلامها تعميمها على شعوبها.
ولكن، وفي مواجهة هذا المسعى التضليلي للرأي العام العالمي، برز دور الإعلام الرقمي البديل ووسائل التواصل بشكل كبير في نقل الرواية الفلسطينية إلى العالم، وهذا ما ظهر في المظاهرات الهائلة التي عمّت الدول الأوروبية والأميركية والمدن العالمية، مستنكرة العدوان العنصري والإبادة الجماعية التي يتعرّض لها أهل غزة والفلسطينيون.
وقد انسحب الحراك المؤيد لفلسطين إلى مختلف أرجاء المجتمع ومؤسساته، فارتفع بشكل غير مسبوق حجم التأييد في الأوساط الرياضية لفلسطين وشعبها، كما تمدد إلى داخل الأروقة الصحافية والأكاديمية والفنية وحتى السياسية، حيث استقال عدد من المسؤولين في إداراة عدة بينها الخارجية الأميركية، رداً على سياسات تأييد الاحتلال في مجزرته المستمرة في القطاع.
وفي السياق يشهد موظفو شركة "غوغل" خلافات متصاعدة بشأن العلاقات التجارية للشركة مع الاحتلال الإسرائيلي، والتي تشمل اتفاقية بقيمة 1.2 مليار دولار، لتوفير الخدمات السحابية لحكومة الاحتلال الإسرائيلية تسمى مشروع "نيمبوس" (Project Nimbus).
ونشر مجموعة من موظفي "غوغل" رسالةً مفتوحة، يوم الأربعاء، على موقع "ميديوم" (Medium)، تطالب الشركة التكنولوجية بإلغاء مشروع "نيمبوس".
وتنتقد الرسالة المعايير المزدوجة في الشركة في ما يتعلّق بحرية التعبير المحيطة بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، كما تدين "الكراهية والإساءة والانتقام" داخل الشركة ضد العمال المسلمين والعرب والفلسطينيين.
ولم تتضمّن الرسالة هويات الموظفين الذين كتبوها خوفاً من "الانتقام"، وطالبوا الرئيس التنفيذي، ساندر بيتشاي، والرئيس التنفيذي لشركة "غوغل كلاود" (Google Cloud)، توماس كوريان، وغيرهم من كبار المدراء في الشركة التكنولوجية، بإدانة "الإبادة الجماعية المستمرة بأشدّ العبارات الممكنة".
كذلك، حثّ الموظفون الشركة على إلغاء مشروع "نيمبوس"، وهو صفقة بقيمة 1.2 مليار دولار لتزويد "جيش" الاحتلال بالذكاء الاصطناعي وغيره من التقنيات المتقدّمة.
وقالت المجموعة: "نطالب غوغل بالتوقف عن تقديم الدعم المادي لهذه الإبادة الجماعية من خلال إلغاء عقد مشروع نيمبوس والتوقف فوراً عن التعامل مع حكومة الفصل العنصري الإسرائيلي وجيشها".
وهاجم النقاد والناشطون العاملون في "غوغل" مشروع "نيمبوس" منذ توقيع العقد في عام 2021، مؤكّدين أنّه يمنح الاحتلال أدوات لمراقبة فلسطين سراً.
وذكرت الرسالة أنه "نحن موظفون مسلمون وفلسطينيون وعرب في غوغل، ينضم إلينا زملاء يهود مناهضون للصهيونية. لا يمكننا أن نبقى صامتين في وجه الكراهية والإساءة والانتقام الذي نتعرض له في مكان العمل في هذه اللحظة".
وتستشهد الرسالة بأمثلة محدّدة للسلوك المشحون عاطفياً وغير المناسب في مكان العمل، ويشمل ذلك موظفي "غوغل" الذين لم يذكر أسماءهم والذين يتهمون الفلسطينيين بدعم الإرهاب كجزء من دينهم، وأولئك الذين يطلقون على الفلسطينيين علناً اسم "الحيوانات" على منصّات عمل "غوغل" الرسمية من دون أي إجراء تأديبي من القيادة.
وتصف المجموعة القيادة بأنّها "تقف مكتوفة الأيدي"، وتقول إنّ مديري "غوغل" وصفوا الموظفين بأنّهم "مرضى"، ويتمسكون بـ"قضية خاسرة" عند التعبير عن التعاطف تجاه سكان غزة.
ويقول الموظفون الذين كتبوا الرسالة إنّ مديري "غوغل" سألوا علناً العرب والمسلمين في الشركة عما إذا كانوا يدعمون "حماس". وجاء في الرسالة: "هناك أيضاً جهود منسّقة لملاحقة الحياة العامة للموظفين المتعاطفين مع فلسطين، وإبلاغ غوغل وجهات إنفاذ القانون عنهم بتهمة دعم الإرهاب".
بدوره، قال مهندس البرمجيات، سرمد جيلاني، الذي انضم إلى "غوغل" في عام 2012، لصحيفة "إنغيدجت" إنّه "باعتبارك أحد موظفي غوغل، عليك أن تكون حذراً للغاية"، لأنّ أي نوع من الانتقادات الموجهة إلى كيان الاحتلال يمكن أن يُنظر إليها بسهولة على أنّها "معاداة للسامية".
يُذكَر أنّ رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في غزّة، سلامة معروف، أعلن ارتقاء 47 صحافياً، منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، في 7 تشرين الأوّل/أكتوبر الماضي.
من جهتها، أكّدت لجنة حماية الصحافيين أنّ "جرائم الاغتيال التي يرتكبها الاحتلال بحق المدنيين الفلسطينيين بصورة عامّة، والصحافيين والإعلاميين بصورة خاصة، تعكس دمويته وإرهابه المنظّم بحق الصحافيين الفلسطينيين، حيث القتل والاعتقال والتدمير الممنهج للمؤسسات الصحافية الفلسطينية ولمنازل الصحافيين، بصورة متعمّدة".