السلام و الحل الجذري للصراع في اليمن بعيد

 قال السفير الأمريكي لدى اليمن ستيفن فاجن، إن خارطة السلام التي قدمتها المملكة العربية السعودية للأمم المتحدة ليست اتفاقية بما تعنيه الكلمة الأولى في طريق طويل للوصول للحل.

وأكد فاجن في مداخلة له في ندوة أقامها معهد واشنطن للدراسات السياسية بعنوان : "السعي نحو سلام مستدام بما يحفظ المصالح الأمريكية" هذه الخارطة اذا ما كنا واقعيين لن تكون قابلة للتطبيق على المدى القريب، بالنظر لنوايا الحوثي ودوافعه، وبالنظر أيضا لتعقيدات هذا الصراع ،لذلك يجب علينا عدم التسرع، وكذلك ان لا نبنى احتمالات غير واقعية.

وأضاف "مع الهجمات الأخيرة في البحر الأحمر، وجب علينا أن نتعامل مع الصراع في المنطقة من زواية أكبر، نحن لا نريد أن يتوسع الصراع في المنطقة او أن تعود الحرب لليمن بأي شكل كان، سياستنا قائمة على خفض التصعيد في المنطقة عموماً واليمن جزء منها".

وأردف السفير الأمريكي "هناك عدة سيناريوهات محتملة بإمكانها أن تفشل أي مساعي للسلام، فلا توجد ضمانة أن خارطة الطريق ستكون مثالية في الواقع، فماذا لو سيطر الحوثيون على كامل اليمن، وهذا برأيي سيكون كارثياً لليمن والمنطقة، هذا سيعنى أن اليمن ستكون دولة معزولة بدون أي تنمية، ليكون وضعها مشابها للصومال".

وردا على سؤال ميسر الندوة مايكل نايت وهو باحث متخصص بالشأن اليمني: عن ماهية شكل السلام الدائم الذي تطمح إليه واشنطن، قال فاجن إن "رؤيتنا للسلام النهائي لم تتغير. بالطبع، يصعب رؤية تلك النهاية المثالية اليوم، نريد أن نرى اليمن يسير على طريق السلام والتنمية الاقتصادية المستدامة، وان لا يشكل تهديدًا خطيرًا للمنطقة أو المجتمع الدولي".

وتابع "من وجهة نظر الولايات المتحدة، فإننا لا ندعم عودة أي طرف إلى الحرب داخل اليمن، ولا نعتقد أن هناك حل عسكري للأزمة. نعتقد أيضًا، نحن والمجتمع الدولي، أن الحوثيين هم الآن مكون سياسي في اليمن يجب التعامل معه. اما فيما يتعلق بكيفية لعبهم دورًا في المستقبل، فهذه من ضمن التفاصيل، لكن المهم هو أن يكون هناك حل شامل. ما يحتاجه اليمنيون هو تنمية مستدامة شاملة، ونوع من الترتيبات السياسية الانتقالية".

وزاد "أستطيع القول الآن أننا بعيدون عن تحقيق ذلك الحل الجذري، ولكننا نعمل على بناء نوع من الترتيبات الانتقالية، من خلال خلق خطوات لتسيير عملية السلام".

وأكد أن "الحكومة اليمنية لن توقع اتفاقية سلام يكون للحوثيين الكعب الأعلى، من خلال استمرار حصولهم على الأسلحة، والصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، هذا الأمر مستحيل، لن نستطيع تحقيق سلام حقيقي بهذه المعادلة".

وأفاد "لكن يجب على المجتمع الدولي مواصلة دعم الحكومة اليمنية، وتعزيز مؤسسات الدولة، وتعزيز دور المجتمع المدني. وهذه عوامل يمكن أن تساعد في دفع عملية السلام في اليمن من خلال حوار يمني يمني".

وختم السفير فاجن، أن هناك انفراجة من الممكن من خلالها تحقيق السلام، من خلال التنازلات السياسية التي يجب على جميع الأطراف تقديمها، لتحسين الوضع المعيشي لليمنين، من خلال تفعيل وإنعاش الاقتصاد اليمني، وتفعيل دور المجتمع المدني، وتصدير الغاز، هذه عوامل يمكن من خلالها الوصول لما نطمح اليه من خارطة السلام.

بدورها ذكرت ندوى الدوسري وهي باحثة وممارسة في مجال حل النزاعات ولديها خبرة ميدانية لأكثر من عشرين عامًا، أن الحوار لتحقيق السلام مع الحوثيين غير ممكن، لأن الجماعة ترى نفسها في مهمة جهادية تتخطى الحدود المحلية للعالمية.

وتابعت "اليمنيون بحاجة إلى إنهاء مرحلة العنف، كما أنهم يحتاجون إلى حكومة فاعلة واقتصاد نشط، وتحقيق نوع من الاستقرار".

وقالت "من الناحية المثالية، سيمكن تحقيق هذا من خلال الحوار مع جميع الأطراف اليمنية، ولكن علينا أن نتعلم من التاريخ ونتذكر ما حدث في عام 2018 باتفاق ستوكهولم. الآن، يسعى الحوثيون إلى تحقيق أهدافهم طويلة الأمد".

وأضافت "يقوم الحوثيون الآن بتحويل اليمن إلى معسكر تجنيد لجيشهم الجهادي، الحوثيون استراتيجيون للغاية والمجتمع الدولي يفكر تكتيكيًا. لقد تعلمنا بالطريقة الصعبة أن الجماعة غير مهتمة بإنهاء الحرب، إضافة الى كونهم متفوقون عسكريا على القوات الأخرى، فليس من المستبعد أن نشهد تصعيدًا في اليمن".

وقالت الباحثة إن الجماعة ترى نفسها كلاعب عالمي، وليس مجرد لاعب يمني أو إقليمي، وبينما يدفع العالم باتجاه خفض التصعيد في اليمن يستعد الحوثيون للتصعيد، لذلك من المهم للمجتمع الدولي أن يتكاتف ويساعد في تعزيز قوات الحكومة اليمنية حتى تتمكن من محاولة وقف توسع الحوثيين والحفاظ على الوضع الراهن على الأقل. والسعوديون والإماراتيون في وضع جيد لتحقيق ذلك .

وختمت الباحثة الدوسري بالقول "إنه إذا توصل السعوديون والإماراتيون إلى اتفاق بينهم لتعزيز القوى السياسية اليمنية، فقد نرى ذلك يتجلى في اتفاقات بين هذه القوى لإدارة البلاد والاستعداد لتصعيد الحوثيين، أما اذا استمر الوضع كما هو الان بتصارع أجنحة الحكومة اليمنية، والتوقيع على خارطة السلام، فإن ذلك قد يكون نسخة مكررة من اتفاق ستوكهولم التي كان الحوثي المستفيد الأكبر منها.