العملية الأمريكية بالبحر الأحمر مع الحوثيين تشبه لعبة "ضرب الخلد"

 أكدت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية أن إخفاقات الرئيس جو بايدن الخارجية تظهر بوضوح بالنظر إلى سفينة مهجورة مشتعلة وربما تتسرب منها النفط في البحر الأحمر.
 
وقالت الصحيفة في افتتاحيتها : إن السفينة "سونيون" الذي تحترق في البحر الأحمر اثر هجوم حوثي منذ أكثر من أسبوع تمثل حلقة صغيرة توضح إخفاقات الرئيس بايدن في الخارج.
 
وأضافت "ها هي سفينة مهجورة وربما يتسرب النفط في البحر الأحمر. هل لدى السيد بايدن أو أي من المرشحين الذين يترشحون ليحل محله خطة لإحياء النظام في ممر شحن عالمي يسيطر عليه الآن إرهابيون الحوثيون؟
 
وتعليقا على سياسة بايدن تجاه تصعيد الحوثيين في البحر الأحمر قالت الصحيفة "لن تتأثر منظمة إرهابية تطلق الطائرات بدون طيار والصواريخ على البحارة بمحاضرات عن إلحاق الضرر بالأسماك والحياة البرية المحلية".
 
وتطرقت الافتتاحية إلى مواصلة الحوثيين احتجاز الشحن العالمي رهينة لأن الولايات المتحدة تتسامح معهم، بدلاً من تدمير رادارات الجماعة ومخازن الصواريخ بضربات عسكرية”.
 
وتساءلت: هل الآن يمكن إعلان التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة لمرافقة السفن فاشلاً؟
 
وطبقا لصحيفة وول ستريت فإنها حذرت مرار وتكرارا من أن عواقب الفشل في ردع الحوثيين سوف تمتد إلى أجزاء أخرى من المنطقة والعالم. وقد يشمل الفشل الآن التدهور البيئي، ونحن ننتظر غضب جماعات الضغط المناخية التقدمية”.
 
وخلصت الصحيفة في افتتاحيتها إلى أن بايدن يترك الأزمات في كل جزء من العالم تقريبًا لخليفته.
 
وقالت "على الأقل يفهم دونالد ترامب أن إيران هي قائد الأوركسترا الإرهابية الحوثية، ويُترَك الناخبون لتخمين ما قد تفعله كامالا هاريس بشكل مختلف عن القائد الأعلى الحالي.

نهج واشنطن تجاه الحوثيين تجسيد للإهمال الاستراتيجي الفاشل والمُكلف

قالت مجلة أمريكية إن نهج واشنطن تجاه جماعة الحوثي في اليمن هو تجسيد للإهمال الاستراتيجي، فيما الحملة العسكرية اليت تقودها واشنطن لتأمين الملاحة في البحر الأحمر لا تزال غير ناجحة.
 
وذكرت مجلة "ريسبونسبل ستيت كرافت" في تقرير أعده الباحثان جوناثان هوفمان وبنجامين جيلتنر، أن "استراتيجية واشنطن لن تنجح وهي مكلفة للغاية، وتعرض حياة أفراد الخدمة الأميركيين المتمركزين في المنطقة لحماية السفن الأجنبية في المقام الأول للخطر، وتخاطر بزعزعة استقرار اليمن والمنطقة الأوسع نطاقا".
 
وقالت "علاوة على ذلك، ورغم أن الحوثيين يحتفظون بحوافزهم الفريدة، فإن رفض واشنطن الاعتراف بحرب إسرائيل في غزة باعتبارها المحفز الأصلي لهجمات الحوثيين يمنع أي أمل في وقف هذه الهجمات في البحر الأحمر".
 
وبحسب التقرير فإن القوات الأمريكية تلعب لعبة "ضرب الخلد" في البحر الأحمر بينما تتجاهل إدارة بايدن معالجة أصول الصراع.
 
وحث التقرير واشنطن أن تنهي على الفور نشاطها العسكري ضد الحوثيين، وأن تضغط على الدول الأوروبية والآسيوية لتولي دور أكثر استباقية في حماية سفن الشحن الخاصة بها، وأن تتوقف عن دعم حرب إسرائيل في غزة على أمل تهدئة التوترات المتصاعدة في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
 
وأشار إلى أن هناك ثلاث مشاكل رئيسية في استراتيجية واشنطن الحالية تجاه الحوثيين: أولا، إنها خالية من الأهداف السياسية الملموسة والقابلة للتحقيق في حين تثقل كاهل دافعي الضرائب الأميركيين بتكاليف باهظة.
 
وأضاف "فمنذ نوفمبر/تشرين الثاني 2023، نفذ الحوثيون ما يقرب من 200 هجوم بطائرات بدون طيار وصواريخ استهدفت السفن التجارية والعسكرية في البحر الأحمر، وأغرقوا سفينتين وقتلوا ثلاثة بحارة على الأقل. في المقابل، لجأت الولايات المتحدة إلى أسلوبها المعتاد في الشرق الأوسط ــ القوة العسكرية ــ بقيادة عملية حارس الرخاء في ديسمبر/كانون الأول 2023، وعملية بوسيدون آرتشر في يناير/كانون الثاني 2024".
 
وطبقا للمجلة فإنه حتى الآن، أنفقت واشنطن أكثر من مليار دولار على الذخائر لضرب الحوثيين واعتراض الصواريخ والطائرات بدون طيار القادمة.
 
وقالت "مع ذلك، فشلت هذه الجهود في ردع الحوثيين، ومن غير المرجح أن تنجح. وببساطة"، مشيرة إلى أن أغلب الهجمات التي نفذها الحوثيون وقعت بعد أن بدأت الولايات المتحدة وشركاؤها حملتها الانتقامية، وهو ما يُظهِر بوضوح أن الجهود الأميركية فشلت في ردع المزيد من العنف.
 
وأردفت "من غير المرجح أيضاً أن تعمل الولايات المتحدة على تدهور قدرات الحوثيين إلى الحد الذي يجعلهم غير قادرين على مهاجمة السفن العابرة للبحر الأحمر. فبعد ما يقرب من عشر سنوات من القتال ضد القوات التي تقودها السعودية ــ بدعم من الولايات المتحدة ــ أثبتوا براعتهم في أسلوب "إطلاق النار والهروب" في القتال، وأسلحتهم رخيصة وسهلة الحركة ومتناثرة في مختلف أنحاء اليمن".
 
وما يثير السخرية -حسب المجلة- هو أن المسؤولين الأميركيين يدركون الفجوة بين هذه الحملة العسكرية وأهدافها السياسية الظاهرية.
 
وأشار الأدميرال البحري جورج ويكوف، القائد البحري الأميركي المسؤول عن عملية حارس الرخاء، في فبراير/شباط إلى أن الجماعة "لم تردع". وفي أغسطس/آب، أوضح ويكوف أن الحل لهذا الصراع "لن يأتي في نهاية نظام الأسلحة". ولكن الرئيس بايدن لخص هذا الانفصال بشكل أفضل عندما سئل عن الضربات الجوية الأمريكية ضد الحوثيين: "هل يوقفون الحوثيين؟ لا. هل سيستمرون؟ نعم".
 
تضيف المجلة الأمريكية "على الرغم من أن هجمات الحوثيين عطلت الشحن العالمي وحرية الملاحة عبر البحر الأحمر، فإن المشاركة العسكرية المتبادلة من جانب أمريكا لم تحل هذه القضية".
 
واستدركت "استخدم الحوثيون عواقب هجمات حماس في 7 أكتوبر لتحدي إسرائيل والولايات المتحدة وسط صرخة دولية متزايدة بشأن الحرب في غزة. لقد سمح هذا للحوثيين بتعزيز صورتهم كوجه للدولة اليمنية، وفي الوقت نفسه صرف الانتقادات بعيدًا عن حكمهم الاستبدادي".
 
وأوضحت أنه الآن، وصلت المناقشات التي تقودها الأمم المتحدة لإنهاء هذا الصراع الكارثي إلى طريق مسدود، حيث أعاقتها التبادلات العسكرية الجارية بين الولايات المتحدة والحوثيين.
 
وأشارت إلى أن استمرار العمل العسكري الأمريكي ضد الحوثيين يهدد بتعريض الهدنة الضمنية الهشة بين المملكة العربية السعودية والحوثيين للخطر، كما يهدد بتفاقم الأزمة الاقتصادية والإنسانية في اليمن.
 
ولفتت إلى أن الصراع بين الولايات المتحدة والحوثيين يهدد بتفاقم التوترات الإقليمية المتزايدة، ودفع الشرق الأوسط نحو حرب على مستوى المنطقة.
 
وزادت "في ظل عدم وجود نهاية في الأفق للحرب في غزة والمخاوف من تنامي الحرب الإقليمية، فإن اليمن لديه القدرة على أن يكون نقطة اشتعال مهمة في مثل هذا الصراع. وإذا كان هدف الولايات المتحدة هو إقناع الحوثيين بوقف هجماتهم وتجنب الانجرار إلى حرب إقليمية أخرى، فمن غير المرجح للغاية أن تحقق القوة العسكرية هذه الأهداف".
 
وخلصت مجلة "ريسبونسبل ستيت كرافت" إلى أنه "لا توجد مصالح وطنية أميركية حيوية على المحك في اليمن تبرر هذا المستوى من التدخل العسكري الأميركي، أو إهدار مليارات الدولارات من أموال دافعي الضرائب الأميركيين"، مؤكدة أن الخيار الأفضل لواشنطن هو أن تنهي تبادل الهجمات العشوائي مع الحوثيين، وأن تعترف بأن احتضانها القاطع للحرب التي تشنها إسرائيل في غزة من شأنه أن يزعزع استقرار المنطقة على نطاق أوسع على حساب المصالح الأميركية.